وقيل: سوء حمل الغنى أن يكون الفرح مرحا وسوء حمل الفقر أن يكون الطلب شرها. وقيل: حمل الغنى أشدّ من حمل الفقر ومؤنة الشكر أصعب من مشقة الصبر.
وقال بعضهم في من لا يبطر ولا يمكنه ستر غناه:
تأبى الدراهم إلا كشف أرؤسها ... إن الغنى طويل الذيل ميّاس «١»
وقال المرقّش:
إن يخصبوا يعيوا بخصبهم ... أو يجدبوا تجديهم الأم «٢»
وقال الخبزارزي:
قد كان في حال محسود فأبطره ... طغيانه فاغتدى في حال مرحوم
وقال مسلم بن الوليد:
فالكلب إن جاع لم يعدمك بصبصة ... وأن ينل شبعة ينبح على الأثر «٣»
[مدح من لا يبطره اليسر ولا يدقعه الفقر]
وقال هدبة:
ولست بمفراح إذا الدهر سرّني ... ولا جازع من صرفه المتقلّب
وقال طرفة بن العبد:
إن ننل منفسة لا تلفنا ... ترف الخيل ولا نكبو لضرّ «٤»
وقال الزبير بن الأسدي:
ولا يراني على ما ساء مكتئبا ... ولا يراني على ما سرّ مبتهجا
ومثله:
فتى إن هو استغنى تحذّق في الغنى ... وإن قلّ ما لا لم يضع سنة الفقر «٥»
[اجتناب عرض الدنيا]
قيل: العاقل من لا يجزع من قعود الدهر به علما بأن مراتب الأقسام توضع على قدر الأففام. وقيل: وكل الله الحرمان بالعقل، والرزق بالجهل ليعلم العبد أن ليس له من أمر الرزق شيء.