للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعضهم: ذر الرأي الفطير، والكلام القضيب، فلا يطيب الخبز إلا بائتا.

التّحذير من جناية اللسان

سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس النّار، فقال: الأجوفان البطن والفم. وقيل فيما روي عنه: وهل يكبّ الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم.

وكان لقمان عبدا أسود لبعض أهل الأيلة فقال له مولاه: اذبح لنا شاة وائتنا بأطيب مضغة فأتاه باللسان. فقال له: اذبح لي أخرى وائتني بأخبث مضغة فأتاه باللسان، فقال له في ذلك، فقال: ما شيء أطيب منه إذا طاب، ولا أخبث منه إذا خبث.

وقيل: لم يستر من الجوارح «١» شيء كما ستر اللسان، فإنّ عليه طبقتين وسترين.

وقيل لحذيفة: لم أطلت سجن لسانك؟ فقال: لأنه غير مأمون الضرر إذا أطلق.

وروي عن أبي بكر رضي الله عنه، أنه كان يمسك بلسانه ويقول: هذا الذي أوردني الموارد.

قال الشاعر:

كم في المقابر من قتيل، لسانه ... كانت تهاب لقاءه الأقران

متكلّم بكلام أذى إلى هلاكه

بينما المنذر «٢» في بعض متصيّداته إذ وقف على رابية فقال بعض أصحابه: أبيت للعن لو أن رجلا ذبح على هذه الرابية إلى أيّ موضع عسى أن يسيل دمه؟ فقال: أنت والله المذبوح لننظر ذلك، وأمر به فذبح.

ومر ببهرام طائر بالليل فصاح فرماه بسهم فأصابه فقال: لو سكت الطائر لكان خيرا له.

التثبّت في الجواب والتسرّع فيه

سأل يهودي النبي صلى الله عليه وسلم مسألة، فمكث عليه السلام ساعة ثم أجابه عنها، فقال اليهودي: ولم توقفت فيما علمت؟ قال: توقيرا للحكمة.

وقيل: من إمارة الحكيم التروّي في الجواب بعد استيعاب الفهم.

وقيل: من علامة الحمق سرعة الجواب وطول التمنّي والاستغراب في الضحك.

وقال رجل لإياس ليس فيك عيب غير أنّك تعجل بالجواب، فقال: كم أصبع في يدك؟ فقال: الرجل خمس، فقال: لقد عجلت أيضا، فقال: هذا علم قد قبلته فقال إياس وأنا أعجل أيضا في ما قد قبلته علما.

الحثّ على حسن الاستماع، والممدوح به

قيل: تعلّم حسن الإستماع، كما تتعلم حسن المقال، ولا تقطع على أحد حديثا.

<<  <  ج: ص:  >  >>