للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا

«١» . وقال: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ

«٢» وقال تعالى: كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ

«٣» وقال النبي صلّى الله عليه وسلم: اعمل صالحا وكل طيبا والبس لينا. وقال ابن عبّاس رضي الله عنهما: كل ما شئت وألبس ما شئت ما أخطاك إسراف ومخيلة. ورغّب الله تعالى آدم في الخلود في الجنة، فقال: إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى

»

. فبدا باشتراط الشبع.

ومرّ عمر رضي الله عنه بشاب فاستسقاه ماء فخاض له عسلا فلم يشرب، وقال: إني سمعت الله تعالى يقول أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا، فقال الفتى: إنها والله ليست لك أقرأ ما قبلها ويوم يعرض الذين كفروا على النار، فشربها عمر رضي الله عنه، وقال: كل الناس أفقه من عمر. واجتمع فرقد السنجي والحسن على مائدة، فأتي بجام خبيص فأبى فرقد أن يأكل، وقال: أخاف أن لا أؤدي شكر الله تعالى عليه، فقال الحسن: كل فلنعمة الله عليك في الماء البارد أعظم منها في الخبيص. قال الشيخ أبو القاسم رحمه الله: فانظر إلى فقه الحسن وفهمه وإلى ضعف رأي فرقد مع إسلامه، واعتبر بهما قول النبي صلّى الله عليه وسلم:

فضل العلم أحب إليّ من فضل العبادة، ولفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد.

غسل اليدين قبل الطّعام

دعي سلمان رضي الله عنه إلى طعام فلما دخل توضأ للصلاة فصلّى، ثم قدم الطعام فاستدعى الماء وغسل يده، فقيل: ألم تغسلها آنفا، فقال: نعم، ولكني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول من غسل يده قبل الطعام وبعده أكل في سعة من رزقه. وقال الحسن رضي الله عنه: غسل اليد قبل الطعام ينفي الفقر وبعده ينفي اللّمم «٥» . وامتنع رجل من غسل اليد للطعام عند موسى الرضا، فقال: أغسلها فالغسلة الأولى لنا والثانية لك، فإن شئت فاتركها. وغسل رجل يده عند المأمون ومدّ يده إلى رأسه فأمر بإعادة غسلها، ثم مدّها إلى لحيته فأمره بإعادته. وقال: لا يلي غسل اليد للطعام إلا الطعام.

وقدّم إلى مالك بن أنس رضي الله عنه حيث يراه المهدي الماء ليغسل يده للطعام، فقال:

هذا بدعة، فقال المهدي: يا أبا عبد الله البدعة تعتبر في الشرّ، فأما أبواب الخيرات فإحداثها سنة. وغسل رجل يده مرارا فلم تذهب عنها الدسومة. فقال: كاد هذا الدسم أن يكون لنا نسبا وصهرا. وامتنع أعرابي من غسل اليد بعد الطعام فسئل عنه، فقال: فقد رائحته كفقده.

وكان أعرابي عند سعيد بن مسلم فقعد للطعام فقتل قملة، فقيل له: أغسل يدك، فقال:

لا ضير ما بقي على يدي الأخرى شأوها. وكان أعرابي يفلّي ثوبه ويأكل ويحبق «٦» فقيل له: أما تستحي ويحك، فقال: وما أنكرت، أدخل حديثا وأخرج عتيقا وأقتل عدوا. وكان عبد الله بن

<<  <  ج: ص:  >  >>