ألم تر أن المرء من ضيق عيشه ... يلام على أخلاقه وهو معذر
وما ذاك من لؤم ولا من ضراعة ... ولكنّه إن يطبل الدهر يزّمر «١»
وقال آخر:
إذا أنت لم تشرك رفيقك في الذي ... يكون قليلا لم تشاركه في الفضل
وقال آخر:
أقلّ عارا إذا ضيف تضيّفني ... ما كان عندي إذا أعطيت مجهودي
جهد المقلّ إذا أعطاك نائله ... ومكثر من غنى سيّان في الجود
[عذر من لم يقدر]
استضاف قوم ابن هرمة فخرجت بنيّة له فصرفتهم واعتذرت إليهم، فقالوا لها: أليس أبوك القائل:
لا أمنع العود بالفصال ولا ... أبتاع إلّا قريبة الأجل
قالت: هذا الفعل هو الذي ترككم بلا قرى. وقال رجل لمن سأله فلم يعطه فعاتبه:
بيتي يبخل لا أنا.
[عتب من لم يرض بما حضر]
قال شقيق: دخلنا على سلمان، فقدم إلينا شيئا، وقال: لولا أن النبي صلّى الله عليه وسلم نهانا أن نتكلف للضيف لتكلّفت لكم. فجاءنا بخبز وملح فاقترحنا عليه السعتر فذهب بمطهرته، فلما أكلنا، قال أحدنا: الحمد لله الذي قنعنا بما رزقنا، فقال سلمان: لو قنعكم لم تكن مطهرتي «٢» مرهونة. وقيل: ليس بكريم من لم يقنع بما حضر.
[مدح من آثر على نفسه أو أهله]
نزل ضيف على أنصاري، وكان عنده شيء طفيف فأحضره، وأطفأ السراج ليأكل الضيف فلا يشاركه فيه، فلما أصبح قال النبي صلّى الله عليه وسلم: عجب ربكم تعالى البارحة منكم فأنزل الله عز وجل: وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ
«٣» وقال صوفي لآخر: كيف يعمل فقراؤكم، قال: إذا وجدوا أكلوا وإذا عدموا صبروا، فقال: هذا فعل الكلاب إن الفقير منّا إذا عدم صبر وإذا وجد طعاما آثر به غيره. وقال مالك بن دينار يوما: ما أكلت