للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجلوس بهذه فإنها سبيل من سبل النار، أو قال من سبل الشيطان، ثم التفت فقال: فإن أبيتم فأدوا حقّ الطريق، قالوا: وما حق الطريق؟ قال: رد السلام وغض البصر وكف الأذى وهداية الضال وإغاثة المهلوف.

وقال الشعبي: من أراد أن يكثر علمه فليجتنب مجالس قومه. وقيل: المساجد مجالس الكرام.

ذمّ الجلوس في الشّمس وحمده

روي عن أمير المؤمنين رضي الله عنه أنه رأى رجلا جالسا في الشمس، فقال: قم عنها فإنها مبخرة مجفرة تنغل الريح وتظهر الداء الدفين وتذهب شهوة الشتاء.

وقال أبو تمّام:

وإن صريح الحزم والرأي لامرؤ ... إذا أدركته الشمس أن يتحوّلا

[ضيق المجلس]

ما ضاق مجلس على محبين ولا اتسع لمتباغضين.

وقال الصاحب في معناه، وقد نقله من أبيات خراسانية:

كنّا وأسباب الهوى متّفقه ... نغدو من الورد معا في ورقه «١»

واليوم إذ أسبابه مفترقه ... قد صارت الدنيا علينا غلقه

وكثر تمثل الناس بقول الشاعر:

لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها ... ولكنّ أخلاق الرّجال تضيق

وقال ابن المعتزّ، وقد حضر قوما ضاق بهم المجلس:

لا تحسبنّ الدّهر يجمع حبه ... في قشرة إلّا كما نحن هنا

وقال آخر يعتذر من ضيق داره وقلّة زاده:

إن يضق منزلي فإنّي كريم ... واسع الخلق واسع الآداب

لست آسى على الكثير من الزا ... د إذا كان فيه قوت صحابي

الحثّ على التوسّع لمن حضر المجلس

قال النبي صلّى الله عليه وسلم: لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه فيجلس فيه، ولكن تفسّحوا وتوسّعوا. وقال الله تعالى: إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ

«٢» (الآية) . حضر بعض الناس مجلس الحسن بن سهل، وكان المجلس ضيقا، فقال: تحّفزوا فإن في التحفز توسعه الجالس المستوفز. قيل: اثنان ظالمان رجل وسع له في مكان ضيق

<<  <  ج: ص:  >  >>