للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجد نجوي «١» أكثر من رزي «٢» ، فما بقاء للشيخ على ذلك.

وقيل:

ولا بدّ من شكوى إذا لم يكن صبر

حمد شكوى العلّة

قال بعضهم: دخلت على سفيان وهو عليل فقال: أشتكي كذا وبت البارحة بكذا، فقلت أما تخشى أن تكون هذه شكاية من الله؟ فقال: أنا أذكر قدرته عليّ. ولما مرض أمير المؤمنين دخل إليه الناس فقالوا: كيف تجدك، قال: بشرّ، قالوا: أهذا كلام مثلك، قال أجل إن الله تعالى يقول: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً

«٣» فالخير الصحة والشر المرض.

وقيل: الشكوى تخفف الهم وتزيل الألم. وقيل لآخر: ما تشكو، فقال: تمام العدة وانقضاء المدة. ووجه المتوكل إلى الجاحظ يدعوه، فقال: ما يصنع أمير المؤمنين بشخص ليس بطائل ذي شق مائل ولعاب سائل وفرج مائل وعقل حائل.

شكوى العلّة

قال المأمون لابنه العباس وقد شكا إليه وجعا في بطنه: يا بني إنك لا تجد مواساة في عرض ما تجده في بدنك ولا يشركك فيه صديقك فلا تشمتن به عدوك. وقال بعضهم لمن يشكو: أتشكو من يرحمك إلى من لا يرحمك؟. وقيل لسعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص، وهو مريض: إن المريض يتفرج إلى الأنين وإلى أن يصف ما به إلى الطبيب، فقال: أما الأنين فو الله إنه لجزع وعار ولا يسمع الله منّي أنيني فأكون عنده جزوعا، وأما الطبيب فو الله لا يحكم غير الله في نفسي فإن شاء قبضها إليه وإن شاء منّ بها عليّ.

فضل الصحّة والعافية

قيل: شيئان لا يعرف فضلهما إلا من فقدهما الشباب والعافية. وقيل: لا يعرف طعم العافية إلا من نالته يد العلة ولا طعم الرخاء من مسته يد البلاء. وقيل: الدنيا بحذافيرها الأمن والعافية لا تزال غنيا ما دمت سويا.

[نفع المرض]

إعتلّ الفضل بن سهل بخراسان ثم برأ فجلس للناس، فهنأوه بالعافية وتصرّفوا في فنون الكلام، فلما فرغوا، أقبل على الناس، فقال: إنّ في العلل نعما ينبغي للعاقل أن يعرفها: تمحيص الذنب والتعرّض للثواب، والإيقاظ من الغفلة والإذكار بالنعمة في حال الصحة، والاستدعاء للتوبة والحضّ على الصدقة. وفي قضاء الله وقدره الخيار.

<<  <  ج: ص:  >  >>