العاجل وتخفّ به المؤنة في الآجل فنعم، فقالت: اللهم غفرا فإن هذه شريطة لا يتعلق بها الوفاء، قال: فناولتها درهما فرفعته إلى السماء بين أنملها، وقالت: اللهمّ إنه قد كان في كيسه متمهدا وفي معاشه متصرفا فأتجر به إليك، اللهمّ فلا تجزه على قدر البضاعة ولكن على قدر الصبر على مكروه السؤال.
وقالت أعرابية تتكفف «١» : يا قوم طرائد زمان وفرائد حدثان ولحمان، وضم بذتنا الرجال وانتشر منّا الحال، فهل من مكتسب للأجر أو راغب في الذخر.
وقالت أعرابية: سنة جردت وحال أجهدت وأيد جمدت فرحم الله من رحم. وكان آخر يقول: من حملني على نعلين فكأنما حملني على ناقة.
(٣) وممّا جاء في الوعد والإنجاز والمطل
[ما يجد به الوعد والوعيد والإنجاز والخلف]
قيل: الوعد قول الرجل أفعل كذا، ويقال في الخير والشر. يقال: وعدته خيرا وشرا وإطلاقه بالخير أولى، والإيعاد في الشرّ لا غير. وقيل: يقال أوعدت فلانا ومتى ذكرت الشر معه قلت وعدته بلا ألف، والإنجاز مطابقة الفعل ما سبق منك من القول، والخلف هو أن تعد بخير ثم لا تفعل.
وقال محمد بن الحسين رضي الله عنه: الخلف أن تعد ومن نيتك أن لا تفعل، فأما إذا وعدت ومن نيتك أن تفعل فليس بخلف.
وقال عمر بن عبد العزيز: أربع إذا قلتها متى وعدت ثم لا تفعل لم تكن مخلفا: إن شاء الله، ولعل وأنظر، وأرجو.
النّهي عن التسرّع إلى الوعد
قال المهلب: يا بني إياك والسرعة عند المسألة بنعم فمدخلها سهل ومخرجها وعر، واعلم أن لا وإن قبحت فربما أروحت، فإذا سئلت ما قدرت عليه فاطمع ولا توجب وإذا علمت معذرة فاعتذر، فالاتيان بالعذر الجميل خير من المطل الطويل. وسأل رجل الفضل بن الربيع، فقال: أكره أن أقول نعم فأكون ضامنا، وأن أقول لا فأكون ميئسا، ولكن ننظر فسيسهل الله تعالى.