رطلا بدرهم بتحليل أبي حنيفة، فقال له أبو حنيفة: يا رجل إنك فعلت قبيحا، فقال:
ألست حللته؟ قال: صدقت ومن الحلال انك تجامع امرأتك ولو استحضرتها الجامع وجامعتها لاستقبح ذلك.
ولقي أبو حنيفة سكران، فقال له السكران: يا أبا حنيفة يا ابن الزانية إني شربت النبيذ، فقال: ما أحسنت حيث أحللت النبيذ حتى شربه مثلك. قال شاعر:
رأيه في السّماع رأي حجازي ... وفي الشرب رأي أهل العراق
وقال بعضهم: أباح أهل الحرمين الغناء وحرموا النبيذ وأباح أهل العراق النبيذ وحرموا الغناء، فأوجدونا السبيل إلى الرخصة فيهما عند اختلافهما إلى أن يقع الاتفاق.
قال بعضهم:
من ذا يحرم ماء المزن خالطه ... في جوف باطية ماء العناقيد «١»
إنّي لأبغض تحريم الرّواة لها ... فيها ويعجبني قول ابن مسعود
يعني ما رواه من قول النبي صلّى الله عليه وسلم: تمرة طيبة وماء طهور.
وقال إبراهيم بن محمد بن إسماعيل: النبيذ من المستضعفين في الأرض يتركه من يتركه ويأتي ما هو أعظم منه.
[استباحة الخمر]
مرّ عمرو بن معدي كرب بعينة بن حصن فأطعمه تمرا، ثم قال: أسقيك لبنا، أو ما كنا نتنادم عليه في الجاهلية، فقال: أليس قد أمرنا بتحريمها، فقال عيينة: كلا إن الله تعالى قال: فهل أنتم منتهون، فقلنا: لا، فسكت وسكتنا، فقال عمرو: هاتها فأنت أفقه منّي.
قال بعضهم: الخمر من الجنة، لأن الله تعالى يقول في صفة أهل الجنة إنهم يقولون الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن، والخمر تذهب الحزن. قيل لأياس بن معاوية ما تقول في الكرم والتمر والماء هي حلال أو حرام؟ فقال: حلال، فقيل لم حرم الخمر وإنما يتخذ من ذلك؟ فقال: أرأيت لو صبّ عليك ماء وتراب وتبن أكان يوجعك؟ قال: لا، قال: فلو جمع ذلك كله وجعل لبنة وضرب به رأسك أليس يوجعك. وقال ابن الرومي:
أباح العراقيّ النّبيذ وشربه ... وقال: حرامان المدامة والسّكر
وقال الحجازي: الشرابان واحد ... فحلّ لنا من بين قوليهما الخمر
سآخذ من قوليهما طرفيهما ... وأشربها لا فارق الوازر الوزر
تعظيم السّكر واختلاف الناس فيه
قال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه: ما ذنب أعظم من السكر، وذلك أن