للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وله جناحان لا يكادان يريان إلا إذا طار

النّمل

يدّخر في الصيف للشتاء، ويخرج باللّيل متى خاف بالنهار. وعادته أن ينقر القطمير «١» من الحبّة ويفلقها أنصافا. فإذا كان حبّ الكزبرة فلقه أرباعا، لأن أنصافه تنبت من بين الحبوب ولها حسّ وشم عجيب. وينقل أضعاف جسمه مائة مرّة، ومتى عجز عن حمل شيء ذهب إلى صواحبه فيتبعنه، ويكلّم بعضها بعضا، بدلالة قوله تعالى: قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ

«٢» . قال:

لو أنني أوتيت علم الحكل ... علّم سليمان كلام النمل «٣»

والنمل تأكل الأرضة، ومتى رأى بالجرادة والخنفساء عقرا تعرض لهما فأكلهما.

وإذا لم يكن لهما عقر لم يأكلهما.

وحكى عن بعض المهندسين أنه أخرج طوقا محمى من صفر فرمى به فاشتمل على ذرة فلم يمكنها أن تتخلص من جانبه لما لقيها من وهج النار فعادت إلى وسط الدائرة فوجدها قد ماتت في موضع رجل البرحكار، وربّما طار.

وقيل: إذا أراد الله بنملة شرا أنبت لها جناحين وفيه:

فما ذو جناح له حافر ... وليس يضرّ ولا ينفع

وعنى بحافره قوائمه وبهما يحفر.

الحيّة

موصوفة بالقوّة. وكل ممسوح لا رجل له ولا يد فقوّي البدن. ويقطع ذنبها ولا تموت طويل الذماء. وقيل: لا تموت حتف أنفها. وهي أصبر شيء على الجوع مع شرهها وسرعة ابتلاعها. فإذا تنسّمت اكتفت به وربما تأتي البقرة فتشتمل على فخذها فتلتقم خلفها فلا تستطيع البقرة إن تترمرم فلا تزال تمصه حتى تمتلئ فيعرض حينئذ في ضرعها داء أو تموت. وتسلخ كل عام مرتين وربّما يبقى في عنقها ما نفض من جلدها:

لها ربقة في عنقها من قميصها ... وسائره عن متنها قد تقدّدا

وليس لرأسها عظم ولذلك يسرع إليها الهلاك إذا هشم. وفيها ذات شعور وقرون.

وثلاثة لا تنفع معها الرقية: الثعبان والهنديّة والأفعى.

والشجاع ما تقوم على ذنبها وثواثب وقيل: في رمال بلعم حيّة تصيد الطائر فإذا

<<  <  ج: ص:  >  >>