للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعترف بالتزيّد والتكذيب

قال خالد بن صفوان: أني لا أسمع الحديث فلا أحدّث به، حتى أتوبله وأفلفله وأسعتره، وقال: أني لأسمع الحديث مجردا فأكسوه، وممرطا فأريشه. وقيل لحيّان: إنك لتكذب في الحديث. فقال: ما يضرّك كذبه ولا ينفعك صدقه، وما يدور إلا على لفظ جيّد ومعنى حسن. ولو أردته لتلجلج «١» لسانك وذهب بيانك.

[المعتذر منه]

قال بعضهم: ونصرة الحق أفضت بي إلى الكذب.

قال الشاعر:

وزعمت أني قد كذبتك مرّة ... بعض الحديث وما صدقتك أكثر

وفي المثل: عند النوى يكذبك الصادق.

[المتأهب في الكذب]

تشاجر رجلان في سواد، تراءى من سطح، فقال أحدهما: غراب. وقال الآخر:

خفّ. وحلف كل منهما على صدق ما قاله. فدنوا منه فطار، فقال صاحب الغراب: كيف ترى؟ فقال الآخر: امرأته طالق ثلاثا، إن كان إلا خفا ولو بلغ مكة طيرانا.

وقال بعضهم لابنه: إكذب على الأموات وباهت مع الأحياء. وقيل لإعرابي: بم غلبت؟ فقال: أبهت بالكذب وأستشهد الموتى.

[صعوبة سماع الكذب]

قيل لبعض ندماء السلطان: ما حالكم معه؟ قال: نحن كما قال الله تعالى:

سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ

«٢» . وكان رجل يكثر الكذب وله غلام يخالفه ويكذّبه، فقال له يوما: كنت في ضيعة لي في حصاد زرع، فرميت طيرا فوجدت في حوصلته رطبة، لم ينضج نصفها. فقال الغلام: استدع السوط ولا تهذ «٣» متى يجتمع الحصاد والرطب يا أحمق.

[ما يجوز أن يكذب المرء فيه]

في كتاب جاويزان فروخ: محرم على السامع تكذيب القائل إلا في ثلاث: صبر الجاهل على مضض المصيبة، وعاقل أبغض من أحسن إليه، وحماة أحبّت كنّة.

<<  <  ج: ص:  >  >>