للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كيف اشتريت؟ وقيل لعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: بم بلغ بسارك فقال لم أرد ربحا ولم أشتر عيبا ولم أبع بنسيئة.

[جواز المماكسة]

قيل: المماكسة في البيع مكايسة. وكان عبد الله بن جعفر يماكس في درهم ويجود بمال، فقيل له في ذلك، فقال: الغبن في البيع بله وفي الجود كرم. وقيل لآخر مثل ذلك، فقال: الغبن في البيع جود بالعقل وفي السخاء جود بالمال، ولا أسخى بالعقل وقيل: الحر يتغابن في ابتياع الحمد ولا يتغابن في الشراء والبيع. وقيل: من الغباوة السخاء في التجارة.

وكان ابن عمر رضي الله عنه لا يرى بأسا بالمماكسة والمكايسة. والهند لا تستحل غرارة الجاهل وتستحل غبن البائع.

ذمّ المبالغة في المماكسة

قيل: كثرة المكاس من أفعال الخساس. ورأى رجل إبنه يماكس في ابتياع لحم فقال: يا بني تساهل، فمما تضيعه من عرضك أكثر مما تناله من عرضك. وكان الأصمعي مضيقا في معيشته مستقصيا في مبايعته، فقال العتبي: لو بذلت الجنة للأصمعي بدرهم لما رضي واستنقص شيئا. وقال رجل لخياط: خط لي هذا الثواب وسامحني في الأجرة، فقال: أخيطه لك مجانا، فقال زدني. قال: إذا تخرق رقعته لك. ونحو ذلك أن رجلا كان يستأجر غلاما فقال كم تطلب، فقال: أخدمك بملء بطني، فقال: سامحني، فقال: لا أعرف مسامحة في ذلك إلا أن أصوم لك الإثنين والخميس في الأسابيع لتربح غداءهما.

وكان ابن بالة ببغداد قد اكترى غلاما كوفيا فاستحضره المزين فحلق رأسه فلما فرغ وتنحى، جاء الغلام الكوفي إلى المزين فقعد بين يديه ليحلقه، فخرج ابن باله وقد حلق المزين بعض رأسه فناداه وقال له: هذا من حسابي أو من حسابك يحلق فقام الغلام على حالته محلوق بعض الرأس، وأخذ المنديل وعدا من بين يدي المزيّن، وحلف بالطلاق أنه لا يحلق رأسه حتى يعود إلى الكوفة.

[عذر مبتاع مرغوب فيه بفضل ثمن]

اشترت سكينة شيئا بفضل ثمن، فقيل: غبنت فقالت: ما غبن من بلغ شهوته، وقيل:

استكرمت فاربط واشدد يديك بغرزة ولا تنظر إلى كثرة ثمنه. قال شاعر:

أشدد يديك به وحز ... هـ فإنه علق مضنّه «١»

الحثّ على استجادة ما تشتريه

قال عمر رضي الله عنه: إذا اشتريت بعيرا فاشتره سمينا فإن أخطأك الخبر لم يخطئك

<<  <  ج: ص:  >  >>