للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال المدائني: أهدى رجل إلى مجوسي هدية فاغتم لذلك فقيل له، فقال: لئن ابتدأني بها فإنه يدعوني إلى أن أتقلد منه، ولئن كافأني على معروف عنده إنه ليروم أخذ ذلك، فمن أي هذين لا أجزع.

وطلب عبد الله بن جعفر لأزادمرد حاجة من أمير المؤمنين رضي الله عنه فأهدى إليه أزادمرد أربعين ألف درهم فامتنع عبد الله من أخذها، وقال: إنّا أهل بيت لا نأخذ على معروفنا ثمنا وأهدى عبد الله بن السري إلى عبد الله بن طاهر لما ولاه مصر مائة وصيفة مع كل واحدة بدرة وبعثها إليه ليلا، فردها وكتب إليه: لو قبلت هديتك ليلا قبلتها نهارا وما آتاني الله خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون.

من لان بعد شدة لأخذ هديّة

مرّ زياد بأبي العريان بالبصرة، فقال: من هذا؟ فقالوا: زياد بن أبي سفيان، فقال ما أعرف في ولد أبي سفيان زيادا، فبلغه ذلك، فوجه إليه دنانير ثم مر به، فقال: من هذا فقالوا زياد بن أبي سفيان، فقال لقد ذكرني شمائل أبي سفيان، فبلغ ذلك معاوية رضي الله عنه، فكتب إليه:

ما لبثتك دنانير رشيت بها ... إن لونتك أبا العريان ألوانا

لله در زياد منذ قدمها ... كانت له دون ما يخشاه قربانا «١»

فكتب له:

ابعث لنا صلة تحيا النفوس بها ... قد كدت يا ابن أبي سفيان تنسانا

من يسد خيرا يجده حيث يجعله ... أو يسد شرا يجدّه حيثما كانا

أما زيّاد فلا أنسيت نسبته ... ولم أرد بالذي حاولت بهتانا «٢»

ولما ولي الحسن بن عمارة المظالم، قيل ذلك للأعمش فقال: ظالم ولي المظالم، فأهدى إلى الأعمش رزمة ثياب فجعل يقول من بعد: إن الحسن كريم وحر سخي. وكان رؤبة له حكومة فلم يكن يبلغ مراده فيها فأهدى إلى الحاكم شيئا فنال ما رام، فقال:

لما رأيت الشفعاء بلدوا ... أسوتهم برشوة فقردوا «٣»

وسهل الله بها ما شدّدوا

وكان بعض الولاة يخاشن بعض عماله فأرضاه بما أهداه، فسألته كيف حالك مع فلان؟ فقال: قد سد ابن بيض الطريق وخبره معروف.

<<  <  ج: ص:  >  >>