اللغة والنّحو، كان من الحصر «١» صورة مثيلة، أو بهيمة مهملة. ومن لا يتتبع طرفا من الفضائل، المخلّدة عن ألسنة الأوائل، كان ناقص العقل.
فالعقل نوعان: مطبوع ومسموع، ولا يصلح أحدهما إلا بالآخر. وقد تحرّيت فيما أخرجته من كلّ باب غاية الاختصار والاقتصار، وأعفيته من الإكثار والإهذار «٢» ، لئلا تعاف ممارسته ومدارسته، لكن عظم هذا الكتاب بعض العظم، لكثرة فصوله وتحقيق تفاصيله.
وقد جعلت ذلك حدودا وفصولا وأبوابا. وذكرت جملة الحدود والفصول في أوّل الكتاب، ليسهل طلب كل معنى في مكانه. ووضعت كلّ نكتة في الباب الذي هو أليق بها، وإن كان كثير من ذلك يصلح استعماله في أمكنة سهّل الله علينا ما يحمد عقباه «٣» ، ووفّقنا في جميع أمورنا لما يرضاه، وجعل خير أعمالنا ما قرب من آجالنا، إنه عليم قدير. نعم المولى ونعم المصير.
الحدّ الأول: في العقل والعلم والجهل، وما يتعلّق بها.