للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تصاحب ثعلبان فلقيا أسدا فقال أحدهما للآخر: ما الحيلة؟ فقال: عليّ الحيلة. فقال الأسد: ما الخبر؟ فقالا: إنا ورثنا أغناما من أبينا ونريد أن نقسمها بيننا. قال: أين هي؟

قالا: قريب. فتبعهما حتّى أتيا إلى مجرى ماء يخرج من بستان، فقال أحدهما للآخر:

أدخل فأخرج الأغنام. فدخل فأبطأ فقال أخوه: أنظر إلى بطنه حتى أدخل أخرجه من الغنم. فدخل وجلس الأسد ينتظر فصعدا إلى السطح فقالا: اذهب فقد اصطلحنا. فغضب الأسد وزأر فقالا: لا تكن باردا فما رأينا من يغضب من صلح الخصمين غيرك.

اشتكى الأسد فعاده السباع كلها إلا الثعلب. فقال الذئب: أنظر إلى الثعلب كيف استخف بك؟ فلم يأتك. وتطاير الخبر إلى الثعلب فأتاه، فقال له الأسد: يا ابن الفاعلة تأخرت عن الخدمة. فقال: إني مذ بلغني مرضك كنت في طلب دواء لك حتّى وجدته.

قال: وما هو؟ قال: لا يصلح إلا مرارة الذئب فقال وأنّى لي بذلك؟ فقال أنا آتيك به، فإذا أتاك فاقتله وتنال مرارته. فأتاه به فقفز إليه الأسد فأفلت وعدا بدمه فتبعه الثعلب. فقال: يا صاحب السراويل الأحمر، إذا جلست عند الملوك فاعقل كيف تتكلم؟ وقيل للثعلب:

أتحمل كتابا إلى الكلب وتأخذ مائة دينار؟ فقال: أما الكراء «١» فواف، ولكن الخطر عظيم.

ووقع ثعلبان في شرك صياد فقال: أحدهما للآخر: أين نلتقي يا أخي؟ فقال: في الفرّايين بعد ثلاث.

ودخل كلب مسجدا فبال في المحراب، وكان هناك قرد، فقال له: أما تستحي تبول في المحراب؟ فقال: ما أحسن ما صوّرك حتى تتعصب له.

وزعموا أن أسدا وذئبا وثعلبا اشتركوا فيما يصيدون فاصطادوا حمارا وظبيبا وأرنبا.

فقال: الأسد للذئب: اقسم بيننا واعدل. فقال: أما الحمار فلك، وأما الظبي فلي، وأما الأرنب فللثعلب فغضب الأسد وضربه ضربة أندر «٢» رأسه، فوضعه بين يديه. ثم قال للثعلب: أقسم بيننا وأعدل. فلما رأى الثعلب ما صنع بالذئب خشي أن يصيبه مثله، فقال: أما الحمار فلك تتغذى به، وأما الأرنب فخلالا تتخلل به فيما بينك وبين الليل، وأما الظبي فلك تتعشى به. فقال له الأسد: ويحك يا ثعلب ما ينبغي لك إلا أن تكون قاضيا من علّمك هذا القضاء؟ قال: الرأس الذي بين يديك.

نظر سقراط إلى شوك في الماء وعليه حيّة، فقال: ما أشبه الملاح بالسفينة.

وزعموا أن البازي قال للديك: ما أرى في الأرض أقل وفاء منك قال: وكيف؟ قال:

أخذك أهلك بيضة فحضنوك ثم خرجت على أيديهم وأطعموك في أكفهم، ونشأت بينهم حتى إذا كبرت صرت لا يدنو منك أحد إلا طرت ههنا وههنا، وصحت وصوّت «٣» وأخذت أنا من الجبال فعلّموني وألفوني ثم يخلّى عنّي فآخذ صيدي في الهواء فأجيء به إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>