فقال: أنا من ثقيف، فقالت:
أضلّ الناسبون أبا ثقيف ... فما لهم أب إلّا الضلال
فقال: بل أنا من خزاعة، فقالت:
باعت خزاعة بيت الله إذ سكرت ... بزقّ خمر وأثواب وأبراد
فقال بل أنا من جرم، فقالت:
إذا ما اتّقى الله الفتى وأطاعه ... فليس به بأس وإن كان من جرم «١»
فقال: بل أنا من حنيفة، فقالت:
أكلت حنيفة ربها ... زمن التقحّم والمجاعه «٢»
فقال: بل أنا من عبد القيس، فقالت:
علامة عبد القيس لا ينكرونها ... أعاصير من فسو عليهم تفتر «٣»
فضجر الرجل، فقال: أنا من إبليس، فقالت:
عجبت من إبليس في تيهه ... وخبث ما أظهر من نيّته
تاه على آدم في سجدة ... وصار قوّادا لذريّته «٤»
فقال: اعفيني، فقالت: إلى لعنة الله إذا نزلت بقوم فلا تجحد إحسانهم.
خرج قتيبة متنزّها فلقى أعرابيا فقال: له ممّن الرجل؟ فقال: من عبد قيس، فقال:
نسب مهزول. فقال الأعرابي: ممن أنت؟ فقال: من باهلة، فقال: وا ويلاه واهولاه أمثلك يقول نسبي مهزول وأنت بين الدعة والخمول. فقال له قتيبة: يا أعرابي أيسرك أنك أمير وأنك باهلي، فقال: لا ولا خليفة الله في أرضه. فقال: ولك حمر النعم، فقال: لا ولا ما طلعت عليه الشمس. فقال: وإنّك تدخل الجنة فاطرق ثم رفع رأسه فقال: إن كان ولا بد فعلى أن لا تعلم بذلك أهل الجنة فضحك قتيبة ووصله.
وسأله أعرابي عن نسبه، فقال: من باهلة فقال: أعيذك بالله. وقال آخر لأعرابي: أنا مولى باهلة، فأخذ الأعرابي يتمسح به ويقول: ما أبلاك الله بذلك إلا وجعلك من أهل الجنة. وتساب رجلان فقال أحدهما: يا ابن الزانية فقال الآخر: يا باهلي فقضى له، وقيل له ربأت عليه.
سأل أعرابي عبد الملك وقد رآه متنكرا ممن أنت؟ قال: من بني أمية، فقال: أنتم في الجاهلية مربون في التجارة وفي الإسلام تعادون أهل الطهارة، سيدكم حمار وأميركم حبار، إن نقصتم عن أربعين لم تدركوا بثار وإن بلغتموه كنتم بشهادة الرسول من أهل النار.