رجلا عاقلا من التجار أشاوره في أمري وأفضي إليه بسرّ، فجاءه برجل من أهل طوس «١» فاستنطقه فرآه عاقلا، فقال: أتحفظ السر؟ قال: نعم. فخلا به وقال: خذ هذه القارورة فأت بها جبريل بن بختيشوع فقل له:- هذه قارورة أبي فتأمله فإن كان له دواء فعرّفني وإن لم يكن له دواء فعرفني ليتجهز ويصلح أمره، فذهب إليه بالقارورة. فلما نظر إليها جبريل أقبل على أبيه، وقال: ما أشبه ماءه بماء ذلك الرجل. إن هذا ميت لا محالة، فرجع الرجل وأخبر الرشيد بما قاله، فقال: ويلي على ابن الزانية يا فضل إذهب فاضرب عنقه، يعني الطبيب فأخذه الفضل وحبسه، فقال: أتركني محبوسا عندك ثلاثة أيام فإن عاش فاقتلني، وإلّا فلا تتقلد دمي، ففعل، فمات الرشيد ليلة الثالث.
قال أنوشروان لوزيريه يوما أيّ الفراش ألذ؟ فقال أحدهما: ألذ الفراش الخز محشوا، وقال الآخر: ألذ الفراش الحرير محشوا، وكان بين يديه غلام في عدد الحجاب، فقال: أيها الملك أتأذن لي في الكلام؟ فقال: نعم. قال: ألذ الفراش الأمن، قال: صدقت.
قال: فما ألذ الطعام، قال: ما لا يهيج على طبيعة علة ولا يعقد في عنق آكله منّة، فقال: أحسنت. فما ألذ الشراب؟ فقال: ما لا يزيل عقلا عن محلّه ولا يهيج على طبيعة شيئا من علله، قال: أحسنت. فما ألذ الريحان، قال: الولد السار ريحان أبيه في حياته وخلف له بعد وفاته، فرفع محله وألحقه بأكابر حشمه.
وكان بعض الأصبهانيين أصابه صداع فضمد رأسه بدار صيني وفلفل، فقال له الطبيب: هذا يعمل لرأس يوضع في التنور.