للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختار جماعة من العلماء في التوفيق بين هذه الأحاديث القولَ الآتي.

٤ - وقيل: إنهم يُمْتَحَنُونَ فِي الْآخِرَةِ بِأَنْ تُرْفَعَ لَهُمْ نَارٌ فَمَنْ دَخَلَهَا كَانَتْ عَلَيْهِ بَرْدًا وَسَلَامًا وَمَنْ أَبَى عُذِّبَ، فَمَنْ عَلِمَ اللَّهُ -عز وجل- مِنْهُ أَنَّهُ يُطِيعُ جَعَلَ رُوحَهُ فِي الْبَرْزَخِ مَعَ إِبْرَاهِيمَ وَأَوْلَادِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ مَاتُوا عَلَى الْفِطْرَةِ، وَمَنْ عَلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُجِيبُ، فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ فِي النَّارِ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ أَحَادِيثُ الِامْتِحَانِ المتقدمة، وكذا أحاديث أخرى وردت فيهم خاصة وهي ثلاثة أحاديث -ضعيفة الإسناد- (١):

[١] حديث فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنه قَالَ: «يَحْتَجُّ عَلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلَاثَةٌ: الْهَالِكُ فِي الْفَتْرَةِ، وَالْمَغْلُوبُ عَلَى عَقْلِهِ، وَالصَّبِيُّ الصَّغِيرُ، فَيَقُولُ الْمَغْلُوبُ عَلَى عَقْلِهِ: لَمْ تَجْعَلْ لِي عَقْلًا أَنْتَفِعُ بِهِ، وَيَقُولُ الْهَالِكُ فِي الْفَتْرَةِ: لَمْ يَأْتِنِي رَسُولٌ وَلَا نَبِيُّ، وَلَوْ أَتَانِي لَكَ رَسُولٌ أَوْ نَبِيُّ لَكُنْتُ أَطْوَعَ خَلْقِكَ لَكَ .... وَيَقُولُ الصَّبِيُّ الصَّغِيرُ: كُنْتُ صَغِيرًا لَا أَعْقِلُ» قَالَ: «فَتُرْفَعُ لَهُمْ نَارٌ وَيُقَالُ لَهُمْ: رِدُوهَا» قَالَ: «فَيَرِدُهَا مَنْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنَّهُ سَعِيدٌ، وَيَتَلَكَّأُ عَنْهَا مَنْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنَّهُ شَقِيُّ، فَيَقُولُ: إِيَّايَ عَصَيْتُمْ، فَكَيْفَ بِرُسُلِي لَوْ أَتَتْكُمْ؟» رواه البزار والطبري وغيرهما (٢).


(١) قال الحافظ ابن عبد البر في التمهيد (١٨/ ١٣٠): روي هذا المعنى -أي أحاديث الامتحان- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من حديث الأسود بن سريع وأبي هريرة وثوبان بأسانيد صحيحة … وليس في شيء منها ذكر المولود ا. هـ. وقال ابن بطال في شرحه للبخاري (٣/ ٣٧٤): الآثار الواردة بذلك ضعيفة لا تقوم بها حجة ا. هـ
(٢) «كشف الأستار عن زوائد البزار» (٢١٧٦) - و «تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر» (١٦/ ٢١٩) -واللفظ له-، ورواه أيضا المروزي -كما في «أحكام أهل الذمة - ط عطاءات العلم» (٢/ ٢٥٩) -، وأبو القاسم البغوي في «مسند ابن الجعد» (٢٠٣٨)، وابن أبي حاتم في «التفسير -مختصرا-» (٩/ ٢٩٨٤) رقم (١٦٩٥٠)، واللالكائي في «شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة» (١٠٧٦) وابن عبد البر في «التمهيد - ابن عبد البر» (١١/ ٣٨٨ ت بشار) وقال: من النّاسِ من يُوقِفُ هذا الحديثَ على أبي سعِيدٍ ولا يرفعُهُ، منهُم: أبو نُعيم المُلَائيُّ ا. هـ وسنده ضعيف، فضيل صدوق فيه لين، وعطية ضعيف. قال الهيثمي في «مجمع الزوائد ومنبع الفوائد» (٧/ ٢١٦): «رواه البزار، وفيه عطية وهو ضعيف» ا. هـ قلت: قال عبد الله بن الإمام أحمد كما في «العلل ومعرفة الرجال لأحمد» (١/ ٥٤٨) سَمِعت أبي ذكر عَطِيَّة الْعَوْفِيّ فَقَالَ هُوَ ضَعِيف الحَدِيث، قال أبي: بَلغنِي أَنْ عَطِيَّة كَانَ يَأْتِي الْكَلْبِيّ فَيَأْخُذ عَنهُ التَّفْسِير وَكَانَ يكنيه بِأبي سعيد فَيَقُول قَالَ أَبُو سعيد … وقال: حَدثنِي أبي قَالَ حَدثنَا أَبُو أَحْمد الزبيرِي قَالَ سَمِعت سُفْيَان الثَّوْريّ قَالَ سَمِعت الْكَلْبِيّ قَالَ كناني عَطِيَّة أَبَا سعيد ا. هـ فالحديث ضعيف جدا بهذا الإسناد والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>