للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسماها العاصفات من قوله: {رِيحٌ عَاصِفٌ (٢٢)} [يونس] أي شديدة،

وسماها الناشرات لأنها تنشر السحاب في الجو ومنه قوله: {يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا} [الروم: ٤٨]

وسماها الفارقات لأنها تفرق بين السحاب ومنه قوله: {وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا} [الروم: ٤٨]

وأما الملقيات ذكرا فهم الملائكة لأنهم يلقون الذكر للأنبياء -عليهم السلام-.

والأظهر في المرسلات والعاصفات أنها الرياح لأن وصف الريح بالعصف حقيقة،

والأظهر في الناشرات والفارقات أنها الملائكة لأن الوصف بالفارقات أليق بهم من الرياح، ولأن الملقيات المذكورة بعدها هي الملائكة ولم يقل أحد أنها الرياح.

ولذلك عطف المتجانسين بالفاء فقال: {وَالْمُرْسَلَاتِ} {فَالْعَاصِفَاتِ}

ثم عطف ما ليس من جنس بالواو فقال: {وَالنَّاشِرَاتِ}

ثم عطف عليه المتجانسين بالفاء.

وقد قيل في المرسلات والملقيات أنهم الأنبياء -عليهم السلام-.

{عُرْفًا (١)} معناه: فضلا وإنعاما وانتصابه على أنه مفعول من أجله وقيل: معناه متتابعة وهو مصدر في موضع الحال.

وأما {عَصْفًا} و {نَشْرًا} و {فَرْقًا} فمصادر، وأما {ذِكْرًا} فمفعول به.

{عُذْرًا أَوْ نُذْرًا (٦)} العذر فسّره ابن عطية وغيره بمعنى: إعذار الله إلى عباده لئلا تبقى لهم حجة أو عذر … وأما {نُذْرًا (٦)} فمن الإنذار وهو التخويف … إلخ (١)

وقال الحافظ عماد الدين إسماعيل بن كثير -رحمه الله-:

والأظهر أن: "المرسلات" هي الرياح، كما قال تعالى: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} [الحجر: ٢٢]، وقال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} [الأعراف: ٥٧]

وهكذا العاصفات هي: الرياح، يقال: عصفت الريح إذا هبت بتصويت،

وكذا الناشرات هي: الرياح التي تنشر السحاب في آفاق السماء، كما يشاء الرب


(١) تفسير ابن جزي = التسهيل لعلوم التنزيل (٢/ ٤٤١ - ٤٤٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>