للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من بعض، وعلى هذا جرى عملُ السلف واعتقادُ الصحابة ومن تَبِعَهم بإحسان.

وجاء عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- أنه كان يقول لبعض أصحابه: «اجْلِسْ بِنَا نُؤْمِنْ سَاعَةً» (١).

وفي المسند عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه-، قَالَ: «كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ -رضي الله عنه- إِذَا لَقِيَ الرَّجُلَ مِنْ أَصْحَابِهِ، يَقُولُ: تَعَالَ نُؤْمِنْ بِرَبِّنَا سَاعَةً … » الحديث (٢).

قال العلماء: وهذا واضح الدلالة على أنَّ الإيمان يزيد، وأن المعنى: تعالوا نجلس نتذاكر؛ لنزداد إيمانًا.

وكان ابن مسعود -رضي الله عنه- يقول: «اللَّهُمَّ زِدْنَا إِيمَانًا وَيَقِينًا وَفِقْهًا» (٣).

وأُثِرَ عن كثير من السلف أنهم قالوا: الإيمان يزيد وينقص.

قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: «وقد ثبت لفظ الزيادة والنقصان منه عن الصحابة -رضي الله عنهم-، ولم يُعرَف فيه مخالِفٌ من الصحابة» (٤).

ونختم مجلسنا هذا بكلمة عن الإيمان وردت عن الإمام البخاري -رحمه الله- تدل على رعاية العلماء وعنايتهم بأمر الإيمان وتعريفه.

يقول -رحمه الله-: «لقيت أكثر من ألف رجل من العلماء بالأمصار فما رأيت أحداً يختلف في أن الإيمان قول وعمل، ويزيد وينقص» (٥).


(١) أخرجه البخاري معلقًا بصيغة الجزم قبل حديث (٨)، وأخرجه موصولًا ابن أبي شيبة في المصنف (٣٥٨٤٣)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في الإيمان (٢٠) وابن بطة في الإبانة الكبرى (١١٣٥). والبيهقي في "الشعب " (٤٤) وسنده صحيح.
(٢) مسند أحمد (١٣٧٩٦) وفي سنده ضعف.
(٣) رواه عبد الله بن أحمد في السنة (٧٩٧)، والطبراني في الكبير (٩/ ١٠٥/ ٨٥٤٩) والبيهقي في الشعب (٤٥)، وفي إسناده شريك النخعي، وهو صدوق يخطئ، والأثر صححه الحافظ ابن حجر في الفتح، (١/ ٤٨).
(٤) الإيمان، ص ١٧٧، ١٧٦.
(٥) ذكره الحافظ ابن حجر في الفتح (١/ ٤٧)، والزبيدي في إتحاف السادة المتقين (٢/ ٢٥٦) وعزواه للَّالكائي في السنة، وصحَّحا إسناده، وهو في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي، (٥/ ٨٨٩) رقم: (١٥٩٧) بنحوه، وتاريخ دمشق لابن عساكر (٥٢/ ٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>