للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فانظر كيف طاف -رحمه الله- البلاد، فخرج من بخارى يطلب العلم ويتعلمه، وأدرك ولقي المئات من أهل العلم؛ فما لقي أحدًا منهم إلا وهو يقول: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص. وهذا يدلنا على أنَّ البخاري -رحمه الله- كان يحرص على انتقاء شيوخه ثم هو يستفهم ويسأل مشايخه عن هذه المسألة العظيمة وغيرها من أمور الاعتقاد.

ثم تأملوا حالنا في هذه الأيام التي صار الإنسان فيها اتِّكاليًّا على قليل من العمل.

فوا عجبًا لحالنا وا عجبًا! … الواحد منا ضعيف الإيمان! … ضعيف في صلاته، وصيامه، وفي الأعمال الصالحة مع ما يرتكب من المعاصي، ومن الذنوب، ومن الآثام، مع ضعف في الخشوع، والخضوع والخوف والخشية.

ومع هذا تجده يأمن على نفسه، ويحسن الظن بها، ويرى أنه لم يفعل شيئًا يعيبها (١)، وإذا نزلت المصائب ونزلت البلايا لم يكن عن الله راضيًا، بل تجده كثيرَ الشكوى، يرى أنه لا يستحق كلَّ ذلك، وما هذا إلا بسبب الغفلة وضعف الإيمان، نسأل الله السلامة والعافية.

وبهذا يكون قد اتضح لنا معاني هذه الكلمات الخمس التي عرَّف بها العلماء -رحمهم الله- حقيقة الإيمان بأنه: اعتقاد بالقلب، وقول باللسان، وعمل بالجوارح والأركان، يزيد بالطاعة، وينقص بالعصيان.

والحمد لله رب العالمين.


(١) يقول ابن القيم في «مدارج السالكين» (١/ ٢٦٢ ط عطاءات العلم): حسنَ الظّنِّ بالنّفس يمنع من كمال التّفتيش ويُلبِّس عليه، فيرى المساوئَ محاسنَ، والعيوبَ كمالًا، فإنَّ المحبَّ يرى مساوئ محبوبه وعيوبه كذلك … ولا يسيءُ الظّنَّ بنفسه إلّا مَنْ عرفها. ومَن أحسن ظنَّه بها فهو من أجهل النّاس بنفسه ا. هـ

<<  <  ج: ص:  >  >>