للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعجز عنه، وما لا حيلة فيه لا يجزع منه. انتهى ملخَّصًا من كلام شيخ الإسلام -رحمه الله- (١).

وقال -رحمه الله-:

• فَالِالْتِفَاتُ إلَى الْأَسْبَابِ شِرْكٌ فِي التَّوْحِيدِ

• وَمَحْوُ الْأَسْبَابِ أَنْ تَكُونَ أَسْبَابًا نَقْصٌ فِي الْعَقْلِ

• وَالْإِعْرَاضُ عَنْ الْأَسْبَابِ بِالْكُلِّيَّةِ قَدْحٌ فِي الشَّرْعِ؛

بَلْ الْعَبْدُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ تَوَكُّلُهُ وَدُعَاؤُهُ وَسُؤَالُهُ وَرَغْبَتُهُ إلَى اللَّهِ وَاَللَّهُ يُقَدِّرُ لَهُ مِنْ الْأَسْبَابِ - مِنْ دُعَاءِ الْخَلْقِ وَغَيْرِهِمْ - مَا شَاءَ ا. هـ (٢)

قال ابن القيم -رحمه الله-: وهذا الكلام يحتاج إلى شرحٍ وتقييدٍ. فالالتفاتُ إلى الأسباب ضربان: أحدهما شركٌ، والآخر عبوديّةٌ وتوحيدٌ. فالشِّرك: أن يعتمدَ عليها ويطمئنَّ إليها، ويعتقدَ أنّها محصِّلةٌ للمقصود بذاتها؛ فهو معرِضٌ عن المسبِّب لها، ويجعل نظرَه والتفاتَه مقصورًا عليها. وأمّا إن التفت إليها التفاتَ امتثالٍ وقيامٍ بها وأداءٍ لحقِّ العبوديّة فيها وإنزالِها منازلَها، فهذا الالتفاتُ عبوديّةٌ وتوحيدٌ، إذا لم يشغله عن الالتفات إلى المسبِّب.

وأمّا محوُها أن تكون أسبابًا، فقدحٌ في العقل والحسِّ والفِطَر.

فإن أعرض عنها بالكلِّيّة كان ذلك قدحًا في الشَّرع، وإبطالًا له.

وحقيقةُ التّوكُّل: القيامُ بالأسباب، والاعتمادُ بالقلب على المسبِّب، واعتقادُ أنّها بيده فإن شاء منعَها اقتضاءَها، وإن شاء جعَلهَا مقتضيةً لضدِّ أحكامها، وإن شاء أقام لها موانعَ وصوارفَ تُعارِض اقتضاءَها وتدفَعه. فالموحِّدُ المتوكِّلُ لا يلتفت إلى الأسباب، بمعنى أنّه لا يطمئنُّ إليها، ولا يرجوها، ولا يخافها، ولا يركَن إليها. ويلتفت إليها بمعنى أنّه لا يُسقطها، ولا يهملها ويلغيها، بل يكون قائمًا بها، ملتفتًا إليها، ناظرًا إلى مسبِّبها ومُجريها» (٣)


(١) انظر: في مجموع الفتاوى (٨/ ٢٨٤، ٢٨٣).
(٢) المرجع السابق (١/ ١٣١).
(٣) «مدارج السالكين» (٤/ ٥٢٣ ط عطاءات العلم)

<<  <  ج: ص:  >  >>