للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَلُومُونَهُ، فَلَا يَزَالُ لَائِمًا مَلُومًا. وَهَذَا مُنَافٍ لِلْعُبُودِيَّةِ ا. هـ (١)

ونقل البيهقي -رحمه الله- عن سفيان -وهو ابن عيينة -رحمه الله- - في قوله تعالى: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن: ١١] قال: "بالرضا والتسليم" (٢). وعن علقمة أنه قال: "هُوَ الرَّجُلُ تُصِيبُهُ الْمُصِيبَةُ فَيَعْلَمُ أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللهِ فَيَرْضَى وَيُسَلِّمُ" (٣).

وكان عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- كثيرًا ما يدعو فيقول: "اللهُمَّ رَضِّنِي بِقَضَائِكَ، وَبَارِكْ لِي فِي قَدْرَكَ حَتَّى لَا أُحِبَّ تَعْجِيلَ شَيْءٍ أَخَّرْتَهُ، وَلَا تَأْخِيرَ شَيْءٍ عَجَّلْتَهُ" (٤).

وهذا مثل دعاء الاستخارة الآتي ففي آخره «وَاقْدُرْ لِيَ الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ»

ونقل البيهقي عن ذي النون قوله: " ثَلَاثَةٌ مِنْ أَعْلَامِ التَّسْلِيمِ: مُقَابَلَةُ الْقَضَاءِ بِالرِّضَا، وَالصَّبْرُ عَلَى الْبَلَاءِ، وَالشُّكْرُ عَلَى الرَّخَاءِ" (٥).

ونقل عن الفضيل بن عياض -رحمه الله- قوله: " الرَّاضِي لَا شَيْءَ فَوْقَ مَنْزِلَتِهِ" (٦).

ولفظه عند ابن أبي الدنيا «الرَّاضِي لَا يَتَمَنَّى فَوْقَ مَنْزِلَتِهِ» (٧) وهو الصواب.

قال ابن القيم -رحمه الله-: الرِّضَا يُفَرِّغُ قَلْبَ الْعَبْدِ. وَيُقَلِّلُ هَمَّهُ وَغَمَّهُ. فَيَتَفَرَّغُ لِعِبَادَةِ رَبِّهِ بِقَلْبٍ خَفِيفٍ مِنْ أَثْقَالِ الدُّنْيَا وَهُمُومِهَا وَغُمُومِهَا ا. هـ (٨).

والمسلم إذا نزل به البلاء فالمطلوب منه أن يصبر.

والصبر -كما ذكرنا- هو حجز الجوارح عمَّا حرَّم الله فلا يقول إلا ما يُرضِي الله ولا يتصرف إلا بما يُرضِي الله أما رضا القلب وتسليمه وفرحه بما كتب الله -عز وجل- له فهذا ليس من المنزلة الواجبة على الإنسان.


(١) مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين (٢/ ٢١٦)
(٢) البيهقي في شعب الإيمان (٢٢٢).
(٣) المرجع السابق (٩٥٠٣) وانظر: تفسير عبد الرزاق (٣٢٢٧) وتفسير الطبري (٢٣/ ١٢).
(٤) المرجع السابق (٢٢٤) وانظر: الرضا عن الله بقضائه لابن أبي الدنيا (٤٦)
(٥) المرجع السابق (٢٢٨).
(٦) المرجع السابق (٢٢٧).
(٧) «الرضا عن الله بقضائه لابن أبي الدنيا» (١٦)
(٨) مدارج السالكين (٢/ ٢١٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>