للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الأسماء الحسنى والصفات العلا.

ومما ذكر عن الأصمعي أنه قال: كنت أقرأ سورة المائدة وبجنبي أعرابي فقرأت هذه الآية - يعني قول الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٣٨)} [المائدة] قال: فقلت: (نكالًا من الله والله غفور رحيم) سهوًا، فقال الأعرابي: كلامُ مَنْ هذا؟ قلت: كلام الله. قال: أعِد. فأعدت: ( … والله غفور رحيم). فقال: ليس هذا كلام الله. فتنبهت وقرأت: {وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٣٨)} فقال: أصبت، هذا كلام الله. فقلت له: أتقرأ القرآن؟ قال: لا. قلت: فمِن أين علمت أني أخطأت؟ فقال: يا هذا، عزّ فحكم فقطع، ولو غفر ورحم لما قطع (١).

فعرف هذا الأعرابي بتأمله وفهمه للسياق من الآية أنها لا تختم بذلك. وهذا من التأمل في أسماء الله وصفاته.

ومما كتبه العلماء في هذا الباب، وهو كتاب سهل ويسير: "كتاب فقه الأسماء الحسنى" لشيخنا الدكتور عبد الرزاق العباد -حفظه الله تعالى-، وهو كتاب سهل وجميل، يحسن بالمسلم أن يُكثِر القراءة فيه والتأمل في تفسيره لأسماء الله وصفاته؛ فإن هذا من شأنه أن يزيد الإيمان عند المسلم.

يقول النبي: -صلى الله عليه وسلم- «إِنَّ الْإِيمَانَ لَيَخْلَقُ فِي جَوْفِ أَحَدِكُمْ كَمَا يَخْلَقُ الثَّوْبُ الْخَلِقُ، فَاسْأَلُوا اللَّهَ أَنْ يُجَدِّدَ الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِكُمْ» (٢)

فالإيمان يضعف إذا لم يتعاهده المؤمن، وجلاءُ ذلك بالرجوع إلى الكتاب والسنة، والحرص على الأسباب التي تعين المسلم على زيادة إيمانه.

نحن أخذتنا الشواغل، شغلتنا الدنيا وما فيها، وَالْتَهَى الإنسان بالمال والبنين، وَالْتَهَى


(١) انظر القصة في التفسير الوسيط للواحدي (٢/ ١٨٥)، وتفسير السمعاني (٢/ ٣٧، ٣٦)، والدُّر المصون في علوم الكتاب المكنون (٣/ ٨٧)، خزانة الأدب وغاية الأرب (١/ ١٧٦).
(٢) أخرجه الحاكم في المستدرك (٥)، والطبراني في المعجم الكبير (١٣/ ٣٦) رقم (٨٤) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-. وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (١٥٨٥) وروي مرفوعا: «إنَّ هِذِه القُلُوبَ لَتَصْدَأُ كَمَا يَصْدَأُ الحَدِيدُ». قيل: فما جلاؤها؟ قال: «تِلاوَةُ كِتَابِ الله -عز وجل-، وَكَثْرَةُ ذِكْرِهِ» رواه المروزي في قيام الليل وقيام رمضان وكتاب الوتر كما في مختصره للمقريزي (ص: ١٧٢) والبيهقي في الشعب (١٨٥٩) من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-. وضعفه الألباني في الضعيفة (٦٠٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>