للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به وبالآخرة هم يوقنون.

٤ - وفيه أيضًا علم من أعلام نبوة النبي -صلى الله عليه وسلم- فنحن إذا رأينا هذه العلامات التي أخبر عنها النبي -صلى الله عليه وسلم- وتحقَّقَ كثير منها فإنَّ ذلك يكون دليلًا لنا على صدق نبينا -صلى الله عليه وسلم-.

٥ - وفيه أيضًا تثبيتٌ للمؤمنين وزيادةٌ ليقينهم وإيمانهم.

وتأمَّلُوا قول الحق: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا (٢٢)} [الأحزاب].

فإنه لما رأى الصحابة رضوان الله تعالى عليهم مَقْدَمَ الأحزاب وقتالهم للمسلمين تذكروا ما أخبرهم به النبي -صلى الله عليه وسلم- من الوعد بالنصر عقب الابتلاء، كما في قول الله: {وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ} وهذا هو الابتلاء.

ثم جاء الوعد بعده بالنصر {أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: ٢١٤]

فزادهم ذلك إيمانًا وثباتًا وطمأنينةً.

قال ابن كثير -رحمه الله-: أَيْ هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنَ الِابْتِلَاءِ وَالِاخْتِبَارِ وَالِامْتِحَانِ الَّذِي يَعْقُبُهُ النَّصْرُ الْقَرِيبُ ا. هـ (١)

يقول العلامة التويجري -رحمه الله-: "وظهورُ المعجزات بعد زمان النبوة، ولا سيَّما في هذه الأزمان البعيدة من زمنه -صلى الله عليه وسلم-، مما يزيد المؤمنين إيمانًا به، وتصديقًا بما أخبر به من الغيوب الماضية والغيوب الآتية مما لم يقع بعد" (٢).

٦ - كذلك من أعظم الثمرات للإيمان بهذه العلامات: المسارعةُ إلى التوبة والإنابة إلى الله.

وقد أرشدنا النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى ذلك -كما في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- المتقدم- فقال: «بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ سِتًّا: طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا أَوِ الدُّخَانَ أَوِ الدَّجَّالَ أَوِ الدَّابَّةَ أَوْ خَاصَّةَ أَحَدِكُمْ أَوْ أَمْرَ الْعَامَّةِ» (٣).

فتأمَّلُوا قوله -صلى الله عليه وسلم-: «بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ»


(١) تفسير ابن كثير ت سلامة (٦/ ٣٩٢)
(٢) إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة (١/ ٧).
(٣) أخرجه مسلم (٢٩٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>