للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأحاديث النبوية وصْفُ الدجال بأنه المسيح وورد أيضًا وصْفُ عيسى بن مريم بأنه المسيح، فيأتي بعض الناس فيقول: لا، لا بُدَّ أن نفرِّق، فنقول: المسيخ بالخاء للدجال، والمسيح لعيسى بن مريم -عليهما السلام-! فنقول لهذا وأمثاله: هل جاء النص بذلك؟ ولهذا ينبغي أن يُراعى في ذلك الألفاظ الشرعية ولا يتعدى عليها.

٥ - أنه ليس كلُّ ما قيل عنه أنه من أشراط الساعة فهو من الأمور المحرمة:

لأن بعض الناس يفهم أنه إذا قيل هذا من أشراط الساعة أن هذا حرام،

والجواب أنَّ الأمر ليس كذلك،؛ لأن هناك بعض الأمور يكون ظهورها من أشراط الساعة، ولا علاقة لها بالتحريم: كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ» (١) فجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- بعثته من أشراط الساعة. وكذلك أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن من أشراط الساعة وأماراتها التطاول في البنيان وأن يأتي -العالة رعاة الشاة-يتطاولون في البنيان (٢) يعني أنهم يبنون بنيانًا فاخرًا وغير ذلك بعد أن كانوا فقراء، فكون ذلك علامة لا يقتضي أنه محرَّم، ولكنه أمر مباح سيتوسع الناس فيه، وسيظهر في آخر الزمان. فيعلم بهذا أن من أشراط الساعة ما هو محرَّم، ومنها ما هو مكروه. ومنها ما هو مباح وكل يرجع فيه إلى العلماء وتفسيراتهم.

٦ - كذلك ينبغي أن يُراعى في ذلك الزمانُ أو النسبةُ الزمنية عند كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- فالله -عز وجل- قد أخبرنا بأن الساعة قريب، وبأن هناك من أشرط الساعة ما وقع، وبأن الساعة تكاد تكون قريبًا، لكن تفسير هذا القرب ليس إلينا، فهو قريب بالنسبة لشيء آخر. فالنبي -صلى الله عليه وسلم- لما أخبرنا أن الساعة قريب يعني بالنسبة إلى عمر الدنيا منذ أن كانت الدنيا وإلى بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- فما سيكون بعد ذلك أقل بكثير مما تقدم. فمثلًا قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: «بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ» فيه دلالة على أن بعثته من علامات الساعة وأنها قريبة من قيام الساعة مع أنَّ بيننا وبين النبي -عليه الصلاة والسلام- أكثر من أربعة


(١) تقدم في المجلس الحادي والعشرين.
(٢) وهو حديث جبريل المشهور، وقد تقدم في المجلس الخامس.

<<  <  ج: ص:  >  >>