للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعْرِفَةِ تَفَاصِيلِ أَجْزَاءِ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ وَإِعَانَتِهِ عَلَى فِعْلِ ذَلِكَ، وَهَذَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ كُلُّ مُؤْمِنٍ لَيْلًا وَنَهَارًا، … إلخ (١)

ولِتَعْلَم تفصيل هذا الجواب انظر إلى كلام العلَّامة شمس الدين محمد ابن أبي بكر المشهور بابن قيم الجوزية -رحمه الله تعالى-، فإنه وقف عند هذه المسألة وهي سؤالنا لربنا -جل وعلا- الهدايةَ في هذه الآية: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)} [الفاتحة] فقال -رحمه الله-:

واعلم أن العبد لا يحصل له الهدى التام المطلوب إلا بعد سبعة أمور هو محتاج إليها حاجة لا غنى له عنها:

١ - الأمر الأول: معرفته في جميع ما يأتيه ويذره بكونه محبوبا للرب تعالى، مرضيًّا له فيؤثره، وكونِه مغضوبًا له مسخوطًا عليه، فيجتنبه فإن نَقَصَ من هذا العلم والمعرفة شيءٌ نَقَصَ من الهداية التامة بحسبه. - (وهذا هو الأمر الأول، وهو مرتبط بالعلم؛ فالهداية مرتبطة بالعلم بأن تعلم ما أوجب الله عليك وأحبه، فتأتيه، وما نهى الله عنه وأبغضه، فتذره؛ فبقدر علمك يكون اكتمال هدايتك، وبقدر ما ينقص عندك من العلم تنقص عندك الهداية) -.

٢ - الأمر الثاني: أن يكون مريدًا لجميع ما يحب الله منه أن يفعله، عازمًا عليه، ومريدًا لترك جميع ما نهى الله، عازمًا على تركه بعد خطوره بالبال مفصَّلًا، وعازمًا على تركه من حيث الجملة مجمَلًا، فإن نَقَصَ من إرادته لذلك شيءٌ نَقَصَ من الهدى التام بحسب ما نقص من الإرادة. - (إذًا هذا هو الأمر الثاني، وهو ارتباط الإرادة بالهداية. إرادة لماذا؟ إنها الإرادة والعزيمة على عمل كل ما يحبه الله ويرضاه، والعزيمة على ترك كل ما يبغضه الله -جل وعلا- ويأباه) -.

٣ - الأمر الثالث: أن يكون قائمًا به فعلًا وتركًا، فإن نَقَصَ من فعله شيءٌ نَقَصَ من هداه بحسبه. - (يعني أن يكون قائمًا على العمل، قائمًا على الأعمال الصالحة التي أمر الله بها، قد أتاها وعمل بها) -.

قال: فهذه ثلاثة أمور هي أصول الهداية، (فإذا تمَّت عند إنسان فإنه إذا قال: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} فإنه يدعو الله أن يُكمِّل له هذه الأمور الثلاثة).


(١) «جامع العلوم والحكم» (٢/ ٤٠ ت الأرناؤوط)

<<  <  ج: ص:  >  >>