للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ويتبعها ثلاثة هي من تمامها وكمالها:

٤ - أحدها: أمور هُدِيَ إليها جملة، ولم يَهْتَدِ إلى تفاصيلها؛ فهو محتاج إلى هداية التفصيل فيها. - (ومعنى ذلك: أنَّ إنسانًا هُدِيَ إلى عمل صالح مثل بِرِّ الوالدين، لكنه يحتاج أن يعرف كيف يبر والديه؟ وكيف يصل أرحامه؟ وكيف يفعل ويفعل من المعروف؟ فيحتاج إلى هذه التفاصيل؛ فيسأل الله -جل وعلا- أن يُرشِده إلى ما يُعِينه على أداء هذه الأمور التي هُدِيَ إليها) -.

٥ - الثاني: أمور هُدِيَ إليها من وجه دون وجه؛ فهو محتاج إلى تمام الهداية فيها؛ لتكمل له هدايتها.

٦ - الثالث: الأمور التي هُدِيَ إليها تفصيلًا من جميع وجوهها؛ فهو محتاج إلى الاستمرار إلى الهداية والدوام عليها؛ فهذه أصول تتعلق بما يعزم على فعله وتركه. - (فهذه أمور ستة تتعلق بقوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} تحتاجها وأنت تقرأ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} كأنك تقول: يا ربي، أسألك أن تتم عليَّ العلم بما أمرتنا به، فآتيه، وبما نهيتنا عنه، فأجتنبه، وأسألك أن تعينني على عزيمة صادقة آتي بها ما تحبه، وأبتعد بها عمَّا تُبغضه، وأسألك يا ربِّ أن أكون قائمًا لك بالعمل الصالح، وفعل الخيرات وترك المنكرات وحبِّ المساكين، وأسألك يا رب أن تكمل لي الهداية، فما هديتني إليه من عمل صالح بيِّنْهُ لي، وأسألك يا رب أن تهديني إلى ما هديتني إليه هدايةً تامَّةً كاملة) وأمرٌ سابع يحتاج إليه؛ قال -رحمه الله-:

٧ - الأمر السابع يتعلق بالماضي وهو أمور وقعت منه على غير جهة الاستقامة فهو محتاج إلى تداركها بالتوبة منها وتبديلها بغيرها … فعلم أنه ليس أعظم ضرورة منه إلى سؤال الهداية أصلها وتفصيلها علما وعملا والتثبيت عليها والدوام إلى الممات وسر ذلك أن العبد مفتقر إلى الهداية في كل نَفَسٍ في جميع ما يأتيه ويذره أصلا وتفصيلا وتثبيتا ومفتقر إلى مزيد العلم بالهدى على الدوام فليس له أنفع ولا هو إلى شيء أحوج من سؤال الهداية فنسأل الله أن يهدينا الصراط المستقيم وأن يثبت قلوبنا على دينه ا. هـ (١).


(١) بدائع الفوائد (٢/ ٣٨، ٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>