للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل لِلثَّوْرِيِّ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، أَمُؤْمِنٌ أَنْتَ؟ قَالَ: «إِنْ شَاءَ اللهُ»، فقال لَهُ الرجل: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، لَا تَفْعَلْ، فَقَالَ: أَمَا سَمِعْتَ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ: {قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١١٢) إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ (١١٣) وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ (١١٤)} [الشعراء]. (١)

وقال الثوري أيضا: " مِنْ كَرِهَ أَنْ يَقُولَ: أَنَا مُؤْمِنٌ، إِنْ شَاءَ اللهُ، فَهُوَ عِنْدَنَا مُرْجِيءٌ - يَمُدُّ بِهَا صَوْتَهُ - " (٢). قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَإِنَّمَا كَرَاهَتُهُمْ عِنْدَنَا أَنْ يَبُتُّوا الشَّهَادَةَ بِالْإِيمَانِ مَخَافَةَ … التَّزْكِيَةِ وَالِاسْتِكْمَالِ عِنْدَ اللَّهِ وَأَمَّا عَلَى أَحْكَامِ الدُّنْيَا فَإِنَّهُمْ يُسَمُّونَ أَهْلَ الْمِلَّةِ جَمِيعًا مُؤْمِنِينَ لِأَنَّ وِلَايَتَهُمْ وَذَبَائِحَهُمْ وَشَهَادَاتِهِمْ وُمُنَاكَحَتَهُمْ وَجَمِيعَ سُنَّتِهِمْ إِنَّمَا هِيَ عَلَى الْإِيمَانِ وَلِهَذَا كَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَرَى الِاسْتِثْنَاءَ وَتَرْكَهُ جَمِيعًا وَاسِعَيْنِ ا. هـ (٣)

وذكر البيهقي -رحمه الله- في شعب الإيمان: عن عطاء بن أبي رباح -رحمه الله- أنه قيل له: "الرجل يقول لا أدري أمؤمن أنا أم لا؟ فقال سبحان الله، قال الله تعالى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [البقرة: ٣] فهو الغيب، فمن آمن بالغيب فهو مؤمن بالله" (٤).

يقصد فيما مضى، ويقصد أنه يكون جازمًا في مثل هذه الأمور فلا يشك في ذلك

وفي الطبقات لابن سعد عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، أَنَّه قَالَ لِرَجُلٍ فِيهِ عُجْمَةٌ: أَمُؤْمِنٌ أَنْتَ أَوْ مُسْلِمٌ أَنْتَ؟. قَالَ: نَعَمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ: لَا تَقُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فقيل لِمِسْعِرٍ: يَا أَبَا سَلَمَةَ أَقُولُ إِنِّي مُؤْمِنٌ حَقًّا؟ قَالَ: نَعَمْ تَكُونُ مُؤْمِنًا بَاطِلًا أَيَحْسُنُ فِي الْكَلَامِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ هَذِهِ سَمَاءٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ا. هـ (٥)

وفي مصنف ابن أبي شيبة عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: إذَا سُئِلَ أَحَدُكُمْ: أَمُؤْمِنٌ أَنْتَ، فَلا يَشُكَّنَّ. وفيه أيضا عن عبد الله بن يزيد، قال: إذَا سُئِلَ أَحَدُكُمْ: أَمُؤْمِنٌ أَنْتَ؟


(١) حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (٧/ ٢٩)
(٢) المرجع السابق (٧/ ٣٢)
(٣) الإيمان لأبي عبيد القاسم بن سلام (ص: ٢١)
(٤) شعب الإيمان (٧٤) وهو في تفسير ابن أبي حاتم، (١/ ٣٦) رقم (٧٠) مختصرا.
(٥) الطبقات الكبرى ط دار صادر (٦/ ١٧٣) والشريعة للآجري (٢/ ٦٦٥) رقم (٢٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>