للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: «لَعَلَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ أَنْهَارَ الْجَنَّةِ أُخْدُودٌ فِي الْأَرْضِ لَا وَاللَّهِ إِنَّهَا لَسَائِحَةٌ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، أَحَدُ حَافَّتَيْهَا اللُّؤْلُؤُ وَالْأُخْرَى الْيَاقُوتُ وَطِينُهُ الْمِسْكُ الْأَذْفَرُ»، قُلْتُ: مَا الْأَذْفَرُ؟ قَالَ: «الَّذِي لَا خِلْطَ لَهُ» (١)

وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «سَيْحَانُ وَجَيْحَانُ، وَالْفُرَاتُ وَالنِّيلُ كُلٌّ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ» (٢). وفي رواية لأحمد: «فُجِّرَتْ أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ مِنَ الْجَنَّةِ: الْفُرَاتُ، وَالنِّيلُ، وَسَيْحَانُ، وَجَيْحَانُ» (٣)

قال النووي -رحمه الله-: فِيهِ تَأْوِيلَانِ ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي عِيَاضُ … الثَّانِي وَهُوَ الْأَصَحُّ أَنَّهَا عَلَى ظَاهِرِهَا وَأَنَّ لَهَا مَادَّةٌ مِنَ الْجَنَّةِ … وقد ذكر مُسْلِمٌ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ فِي حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ أَنَّ الْفُرَاتَ وَالنِّيلَ يَخْرُجَانِ مِنَ الْجَنَّةِ، وَفِي البخاري: من أصل سدرة المنتهى (٤) ا. هـ (٥)

وقال الألباني -رحمه الله-: هذا ولعل المراد من كون هذه الأنهار من الجنة أن أصلها منها كما أن أصل الإنسان من الجنة، فلا ينافي الحديث ما هو معلوم مشاهد من أن هذه الأنهار تنبع من منابعها المعروفة في الأرض، فإن لم يكن هذا هو المعنى أو ما يشبهه، فالحديث من أمور الغيب التي يجب الإيمان بها، والتسليم للمخبر عنها ا. هـ (٦)


(١) أخرجه ابن أبي الدنيا في صفة الجنة (٦٦) وأبو نعيم في صفة الجنة (٣١٦) وصححه الألباني في الصحيحة (٦/ ٤٨) وقال: وهو في حكم المرفوع لأنه لا يقال من قبل الرأي ا. هـ وانظر: صحيح الترغيب (٣٧٢٣)
(٢) صحيح مسلم (٢٨٣٩)
(٣) مسند أحمد (١٢/ ٥٠٦ رقم ٧٥٤٤) وسنده حسن.
(٤) يشير إلى حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه-، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ -رضي الله عنه-، في قصة الإسراء والمعراج فذكر الحديث وَقَالَ: وَحَدَّثَ نَبِيُّ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، «أَنَّهُ رَأَى أَرْبَعَةَ أَنْهَارٍ يَخْرُجُ مِنْ أَصْلِهَا نَهْرَانِ ظَاهِرَانِ، وَنَهْرَانِ بَاطِنَانِ، فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، مَا هَذِهِ الْأَنْهَارُ؟ قَالَ: أَمَّا النَّهْرَانِ الْبَاطِنَانِ فَنَهْرَانِ فِي الْجَنَّةِ، وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ: فَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ، … » الحديث رواه البخاري (٣٨٨٧)، ومسلم (١٦٤). وفي رواية للبخاري (٣٢٠٧): «وَرُفِعَتْ لِي سِدْرَةُ المُنْتَهَى، … فِي أَصْلِهَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ نَهْرَانِ بَاطِنَانِ، وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ، فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ، فَقَالَ: أَمَّا البَاطِنَانِ: فَفِي الجَنَّةِ، وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ: النِّيلُ وَالفُرَاتُ» ا. هـ
(٥) شرح النووي على مسلم (١٧/ ١٧٧)
(٦) سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (١/ ٢٢٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>