للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بسكون العين المهملة، سبط عبد الرحمن بن عوف، (عن ابن شهاب) : محمد بن مسلم الزهري: (أنَّ عطاء) بالمد (بن يزيد) : الليثي التابعي (أخبره) : جملة محلها الرفع خبر (أنَّ)؛ أي: أخبر عطاءٌ ابنَ شهاب (أنَّ)؛ بفتح الهمزة وتشديد النُّون؛ أي: بأنَّ، (حُمْران) -بضم الحاء المهملة، وسكون الميم، وبالرَّاء- ابن أَبَان -بفتح الهمزة والموحدة المخففة- ابن خالد بن عبد عمرو، من سبي عين التمر، سباه خالد بن الوليد، فوجده غلامًا فطنًا فوجهه إلى عثمان، فأعتقه، وكان كاتبه وحاجبه، وولِّي نيسابور من الحجَّاج، ثم أغرمه الحجَّاج مئة ألف لأجل الولاية السابقة، ثم ردَّها عليه بشفاعة عبد الملك، وقوله: (مولى عثمان)؛ أي: ابن عفان، جملة محلها النصب؛ لأنَّه صفة لـ (حُمرانَ) منصوب؛ لأنَّه اسم (أنَّ)، ومنع من الصرف؛ للعلمية وزيادة الألف والنُّون، وحديث حُمران صحيح، توفي سنة خمس وسبعين (أخبره)؛ أي: أخبر حمرانُ عطاءً: (أنَّه)؛ أي: بأنَّه (رأى) أي: أبصر (عثمان بن عفان) : أمير المؤمنين ابن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، وأمُّه أروى بنت عمة رسول الله عليه السلام، وهو أصغر من النبي عليه السلام، وسمي بذي النورين؛ لأنَّه تزوج بنتي سيد الكونين عليه السلام؛ رقية فماتت عنده ثم أم كلثوم، وقال النبي الأعظم عليه السلام له: «لو أنَّ لي أربعين ابنة؛ زوَّجتك واحدة بعد واحدة حتى لا يبقى منهن واحدة، وما زوَّجته إلا بالوحي من الله عز وجل»، ولم يتفق لغيره أنَّه تزوج بنتَي نبي غيره، استُخلِف أول يوم من محرم سنة أربع وعشرين، وقُتِل يوم الجمعة لثمان عشرة خلت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، قتله الأسود التُّجِيْبي؛ بضم الفوقية، وكسر الجيم، وسكون التحتية، والموحدة، المصري، ودفن بالبقيع ليلة السبت، وعمره اثنان وثمانون سنة، وصلى عليه حكيم بن حزام، أو جبير بن مطعم، أو المسور بن مخرمة، والأصح الأول، وكثرت الأموال في خلافته حتى بيعت جارية بوزنها، وفرس بمئة ألف، ونخلة بألف درهم، وليس في الصحابة من اسمه عثمان بن عفان غيره رضي الله تعالى عنه.

وجملة (دعا) أي: عثمان (بإناء)؛ أي: بظرف فيه الماء للوضوء؛ حال من عثمان بتقدير: (قد) كما في قوله تعالى: {أَوْ جَاؤُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} [النساء: ٩٠]، وفي رواية مسلم ورواية شعيب الآتية قريبًا: (دعا بوَضوء)؛ بفتح الواو، اسم للماء المعدِّ للتوضؤ، ففيه: جواز الاستعانة بغيره في إحضار الماء وهو غير مكروه بالإجماع، (فأفرغ) الفاء تفسيرية؛ أي: صبَّ، يقال: فرِغ الماء -بالكسر- إذا انصب، وأفرغته أنا؛ أي: صببته، وتفريغ الظروف: إخلاؤها (على كفيه)؛ أي: واحدة بعد واحدة لا عليهما معًا، كما بيَّنتْه الرواية الأخرى، وهي أنَّه: (أفرغ بيده اليمنى على اليسرى ثمَّ غسلهما) (ثلاث مرات)؛ بالفوقية آخره، وفي رواية: (ثلاثَ مرار)؛ بالرَّاء آخره، وهو منصوب على أنَّه صفة لمصدر محذوف؛ أي: إفراغًا ثلاث مرات، (فغسلهما)؛ أي: كفيه إلى الرسغين.

والرسغ: منتهى الكف عند المفصل، وفي «الضياء» : الرسغ؛ بالغين المعجمة: مفصل الكف في الذراع والقدم في الساق، وأمَّا الكوع؛ فهو العظم الذي يلي الإبهام في رأس الزند، ويقابله الكرسوع؛ وهو العظم الذي يلي الخنصر من اليد في طرف الزند، والرسغ بينهما، والبوع؛ العظم الذي يلي إبهام الرجل، وقد نظم ذلك بعض الحذَّاق فقال:

وعظم يلي الإبهام كوع وما يلي... لخنصره الكرسوع والرسغ ما وسط

وعظم يلي إبهام رجل ملقب... ببوع فخذ بالعلم واحذر من الغلط

وفي غسل اليدين ابتداءً ثلاثة أقوال: قيل: إنَّه فرض وتقديمه سنة، واختاره المحقق في «فتح القدير»، وقيل: إنَّه سنة تنوب عن الفرض، واختاره في «الكافي»، وقال شمس الأئمة السرخسي: إنَّه سنة لا تنوب عن الفرض؛ فيعيد غسلهما ظاهرهما وباطنهما، واستشكله في «الذخيرة»، وظاهر كلام الشرَّاح: أنَّ المذهب الأول.

قلت: والظاهر: أنَّه لا مخالفة بين الأقوال، فإنَّ القائل بالفرضيَّة أراد أنَّه يجزئ عن الفرض، وأن التقديم سنة، وهذا معنى القول: بأنَّه سنَّة تنوب عن الفرض، فالظاهر على هذين القولين: يسنُّ إعادة غسل اليدين عند غسل الذراعين؛ ليكون آتيًا بالفرض قصدًا، ولا ينوب الغسل الأول منابه من هذه الجهة، وإن ناب منابه من حيث إنَّه لو لم يعده؛ سقط الفرض، كما يسقط لو لم ينو أصلًا؛ فتأمل.

واختلف في أن غَسْلَهما قبل الاستنجاء أو بعده، فقيل: سنَّة قبله فقط، وقيل: بعده فقط، وقيل: قبله وبعده، وإليه ذهب الجمهور وصحَّحه الإمام قاضيخان، وصاحب «النهاية»، وحِكْمَته قبل الاستنجاء: المبالغة في اليدين لئلا يتشرب الجسد من النجاسة إذا لم يُغْسلا، وكيفية غسلهما: أنَّه إذا كان الإناء صغيرًا بحيث يمكن رفعه لا يدخل يده فيه، بل يرفعه بشماله ويصبُّه على كفه اليمنى ويغسلها ثلاثًا، ثم يأخذ الإناء بيمينه ويصبُّه على كفه اليسرى ويغسلها ثلاثًا، وإن كان الإناء كبيرًا لا يمكن رفعه، فإن كان معه إناء صغير يفعل كما ذكرنا، وإن لم يكن

<<  <   >  >>