للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

(قال أبو عبد الله) أي: المؤلف، كذا في رواية الأصيلي، وابن عساكر، وفي رواية: (قال) فقط، وسقط لفظ: (أبو عبد الله) (ورواه) أي: هذا الحديث المذكور، وفي رواية: (روى)؛ بإسقاط الواو والهاء، وفي أخرى: (وروى)؛ بالواو (هشام بن حسان)؛ بالصرف وتركه؛ من الحس أو الحسن، كما سبق، وأشار به إلى أن الحديث موصول، ورواه في كتاب «الطلاق» موصولًا من حديث هشام المذكور على ما سيأتي إن شاء الله تعالى، (عن حفصة) هي بنت سيرين، (عن أم عطية) كعب الغاسلة رضي الله عنها، (عن النبي) الأعظم (صلَّى الله عليه وسلَّم) قال الكرماني: (وهو إما تعليق من البخاري، وإما مقول حمَّاد؛ فيكون مسندًا).

ورده إمام الشارحين في «عمدة القاري» فقال: قلت: قوله: (إما تعليق)؛ فظاهر، وأما قوله: (وإما مقول حمَّاد)؛ فلا وجه له، وفي نسخة ذكر البخاري حديث هشام أولًا، وفي بعضها ذكره آخرًا، ورواه مسلم في «صحيحه»، وفائدته: أن أم عطية أسندته إلى النبي الأعظم صلَّى الله عليه وسلَّم صريحًا، وكذا هو في «سنن أبي داود»، و «النسائي»، و «ابن ماجه» من حديث هشام مسندًا، وقال البخاري في موضع آخر: توفي ابن لأم عطية، فلما كان يوم الثالث؛ دعت بصفرة فمسحت به، وقالت: (نهينا أن نحد أكثر من ثلاث إلا لزوج)، وعند الطبراني: (وأمرنا ألَّا نلبس في الإحداد الثياب المصبغة إلا العصب، وأمرنا ألَّا نمس طيبًا إلا أدناه للطهرة؛ الكست والأظفار)، وفي لفظ: (لا تختضب)، وفي لفظ: (إلا ثوبًا مغسولًا) انتهى، والله أعلم.

(١٣) [باب دلك المرأة نفسها إذا تطهرت من المحيض]

هذا (باب) في بيان استحباب (دلك المرأة نفسها) يعني: فرجها؛ الداخل والخارج (إذا تطهرت) يعني: اغتسلت (من المحيض) أي: الحيض، فهو مصدر كـ «المبيت، والمجيء»، (و) في بيان (كيف تغتسل) المرأة؛ يعني: بيان الصفة المختصة بغسلها من المحيض؛ فهو عطف على قوله: (دلك المرأة نفسها)، (و) كيف (تأخذ) عطف على (تغتسل) أي: وكيف تأخذ (فِرْصَة)؛ بكسر الفاء، وسكون الراء، وفتح الصاد المهملة، هي القطعة، يقال: فرصت الشيء فرصًا؛ أي: قطعته، وقال الجوهري: (هي قطعة قطن أو خرقة تمسح بها المرأة من الحيض)، (ممسَّكة)؛ بتشديد السين المهملة، وفتح الكاف، ولها معنيان؛ أحدهما: قطعة فيها مسك، والآخر: قطعة مستعملة بالإمساك عليها على ما سيجيء)، (فتَتبِع) بلفظ الغائبة، مضارع «التفعل»، وأصله بالتاءات الثلاث، فحذفت إحداهما، وفي رواية: (فتَتَّبِع) بتشديد التاء الثانية، وتخفيف الموحدة المكسورة، ولأبي ذر: (تتْبَع) بدون الفاء، وبسكون التاء الثانية، وفتح الموحدة (بها) أي: بتلك الفرصة (أثر الدم؟) أي: دم الحيض، ومثله النفاس؛ لأنَّه آخره.

والمناسبة بين البابين ظاهرة؛ لأنَّ في كل منهما استعمال الطيب.

[حديث: خذي فرصة من مسك فتطهري بها]

٣١٤ - وبالسَّند إلى المؤلف قال: (حدثنا يحيى) هو ابن موسى البلخي الخَتِّي، بفتح الخاء المعجمة، وتشديد الفوقية، كذا جزم به ابن السكن في روايته عن الفربري، وقال الغساني في «تقييد المهمل» : (قال ابن السكن: يحيى المذكور في باب «الحيض» هو يحيى بن موسى)، وقال في موضع آخر عنه: (كلما كان للبخاري في «صحيحه» «عن يحيى» غير منسوب؛ فهو يحيى بن موسى البلخي المعروف بـ «خت»، كان من خيار المسلمين، مات سنة أربعين ومئتين)، وبهذا ظهر فساد قول البيهقي: أنه يحيى بن جعفر؛ أي: البيكندي، يروي عن ابن عيينة، وكذا ذكر أبو نصر الكلاباذي، وذكره الكرماني، وأسنده لبعض النسخ، وكله غير ظاهر، ويدل لهذا ما قاله صاحب «التوضيح» أنه قال: (وقع في شرح بعض شيوخنا: «حدثنا يحيى»؛ يعني: ابن معاوية، ولا أعلم في «البخاري» من اسمه كذلك، وفي أسماء رجال «الصحيحين» : (يحيى بن موسى بن غندر بن سالم أبو زكريا السختياني الحذاء) أي: البلخي، يقال له: ختي، روى عنه البخاري في (البيوع)، و (الحج)، ومواضع أخر، وذكره ابن ماكولا أيضًا فقال: خت؛ بخاء معجمة، ومثناة من فوق، فهو يحيى بن موسى يعرف بابن خت البلخي، كذا ذكره صاحب «عمدة القاري».

(قال: حدثنا ابن عيينة) بضمِّ العين المهملة، وفتح التحتية الأولى، وسكون الثانية، وفتح النون، هو سفيان المشهور، (عن منصور) بالصاد المهملة (ابن صفية) بالصاد المهملة، بعدها فاء، ثم تحتية، نسبه إليها؛ لشهرته بها، وإلا؛ فاسم أبيه عبد الرحمن بن طلحة، (عن أمه) هي صفية المذكورة، وهي بنت شيبة بن عثمان بن أبي طلحة العبدري، قال في «عمدة القاري» : (ووقع في «مسند الحميدي» التصريح بالسماع في جميع السند)، (عن عائشة) الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما: (أن امرأة)؛ أي: من الأنصار، كما زاده وهيب في روايته، وسماها مسلم في رواية الأحوص عن إبراهيم بن مهاجرة: (أسماء بنت شَكَل) بفتح الشين المعجمة والكاف، وفي آخره لام، ولم يسم أباها في رواية غندر، عن شعبة، عن إبراهيم، وقال الخطيب: (هي أسماء بنت يزيد بن السكن، بالمهملة)، وجزم بأنها الأنصارية التي يقال لها: خطيبة النساء، وتبعه ابن الجوزي في «التنقيح»، وكذا الدمياطي، وزاد عليه: أن الذي وقع في «مسلم» تصحيف، ويحتمل أن يكون (شكل) لقبًا، لا اسمًا، وإنما هو (سكن)؛ بالسين المهملة، والنون، نسبة إلى جدها، والمشهور في المسانيد والجوامع في هذا الحديث: (أسماء بنت شكل)، كما في «مسلم»، و (أسماء) بغير نسب كما في «أبي داود»، وكذا في «مستخرج أبي نعيم»، وحكى النووي في «شرح مسلم» الوجهين من غير ترجيح، وتبع رواية مسلم جماعات؛ منهم: ابن طاهر، وأبو موسى في كتابه «معرفة الصحابة»، وصوب بعض المتأخرين أنها أسماء بنت يزيد الأنصارية؛ لأنَّه ليس في الأنصار من اسمه شكل، وقال في «التوضيح» : ويجوز تعدد الواقعة، ويؤيده تفريق ابن منده بين الترجمتين، وابن سعد والطبراني وغيرهما لم يذكروا هذا الحديث في ترجمة يزيد، ولم ينفرد بذلك، فقد أخرجه ابن أبي شيبة في «مسنده»، وأبو نعيم في «مستخرجه»، كما ذكره مسلم سواء، كذا قرره إمام الشارحين في «عمدة القاري».

قلت: والصواب أنها أسماء بنت شكل الأنصارية، كما ذكره هؤلاء الجماعة، وبه ظهر فساد ما زعمه الدمياطي، وظهر أيضًا فساد ما زعمه الخطيب، كما لا يخفى على اللبيب.

(سألَتِ النبي) الأعظم (صلَّى الله عليه وسلَّم عن غُسلها)؛ بضمِّ الغين المعجمة، وبفتحها، أي: الصفة المختصة بغسلها، أو اغتسالها (من المحيض)؛ بالميم أوله، أي: الحيض، وكلاهما مصدران، (فأمرها) أي: النبي الأعظم صلَّى الله عليه وسلَّم (كيف تغتسل) أي: من المحيض، وقوله: (قال) أي: النبي الأعظم صلَّى الله عليه وسلَّم: (خذي)؛ بالخاء المعجمة: هو بيان لأمرها.

قال الكرماني: (فإن قلت: كيف يكون بيانًا للاغتسال وهو إيصال الماء إلى جميع البشرة لا أخذ الفرصة؟ قلت:

<<  <   >  >>