للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

يذكر ويؤنث، والجمع قفي؛ مثل: عصي جمع عصا، وقد جاء أقفية على غير قياس، قال إمام الشَّارحين: ووجه المناسبة بين هذا الباب والباب الذي قبله وبين الأبواب الخمسة عشر بعده ظاهر؛ لأنَّ الكل في أحكام الثياب غير أنه تخلل فيها خمسة أبواب ذكرها، وهي غير متعلقة بأحكام الثياب، وهي باب (ما يذكر في الفخذ)، وباب (الصلاة في المنبر والسطوح والخشب)، وباب (الصلاة على الحصير)، وباب (الصلاة على الخمرة)، وباب (الصلاة على الفراش)، أمَّا مناسبة باب (الفخذ) بالباب الذي قبله؛ هو أن المذكور فيه هو الصلاة في ثوب ملتحفًا به؛ لستر العورة، والمذكور في الذي بعده حكم الفخذ، وهو أنه عورة، فإذا كان عورة؛ يجب ستره، والستر إنَّما يكون بالثياب، فتحققت المناسبة بينهما من هذا الوجه، وأمَّا مناسبة باب (الصلاة في المنبر) بالباب الذي قبله؛ هو أن الثوب فيه مستعل (١) على المصلي، وفي الذي بعده المصلي مستعل على الذي يصلي عليه، فالمناسبة من حيث الاستعلاء محققة وإن كان الاستعلاء في نفسه مختلفًا، وأمَّا المناسبة بين الأبواب الثلاثة، وهي باب (الصلاة على الحصير)، وباب (الصلاة على الخمرة)، وباب (الصلاة على الفراش)؛ فظاهرة جدًّا، وبقي وجه تخلل باب (إذا أصاب ثوب المصلي امرأته إذا سجد)، ووجه ذلك: أن السجدة فيه كانت على الخمرة، وفي الباب الذي قبله كان على المنبر والسطوح، وكل منهما مسجَد -بفتح الجيم- موضع السجود، فالمناسبة من هذه الجهة موجودة على أنَّا نقول: إن هذه الوجوه التي ذكرناها إقناعية، وليست ببرهانية، والاستئناس في مثل هذا بأدنى شيء كاف. انتهى.

(وقال أبو حازم)؛ بالحاء المهملة والزاي، واسمه سلمة بن دينار الأعرج، الزاهد، المدني، (عن سهل) هو ابن سعد الساعدي، الأنصاري، أبو العباس الخزرجي، وكان اسمه حزنًا، فسماه النبيُّ الأعظم صلَّى الله عليه وسلَّم سهلًا، توفي سنة إحدى وتسعين، وهو آخر من مات من الصحابة في المدينة، وفي رواية الأصيلي: (عن سهل بن سعد)؛ يعني: قال: (صلوا)؛ يعني: الصحابة، وهو فعل ماض (مع النبي) الأعظم (صلَّى الله عليه وسلَّم) صلاة الفرض حال كونهم (عاقدي أُزْرهم)؛ بضم الهمزة، وسكون الزاي، جمع إزار، وفي «المحكم» : (الإزار: الملحفة، والجمع آزرة، وأزُر حجازية، وأزْر تميمية، وهو يذكر ويؤنث)، قال الداودي: (سمي إزارًا؛ لأنَّه يشد به الظهر، قال تعالى: {فَآزَرَهُ} [الفتح: ٤٨]، وهو المئزر، واللحاف، والمقرم والقرام) انتهى.

وأصل (عاقدي أزرهم) : عاقدين أزرهم، فلما أضيف؛ سقطت منه النون، وهي جملة حالية، وفي رواية الكشميهني: (عاقدو أزرهم)، فعلى هذا؛ هو خبر مبتدأ محذوف؛ أي: صلوا وهم عاقدو أزرهم؛ كذا في «عمدة القاري»، (على عواتقهم) : جمع العاتق؛ وهو موضع الرداء من المنكب، فيذكر ويؤنث، قال إمام الشَّارحين: وهذا التعليق أخرجه المؤلف مسندًا في الباب الثالث، وهو (باب إذا كان الثوب ضيقًا)، عن مسدد: حدثنا يحيى عن سفيان قال: حدثنا أبو حازم عن سهل، ومطابقته للترجمة ظاهرة، وإنما ذكر بعض هذا الحديث ههنا معلقًا مع أنه ذكره بتمامه في الباب الثالث؛ لأجل الترجمة المذكورة، وذكر هذه الترجمة؛ لتأكيد ستر العورة؛ لأنَّه إذا عقد إزاره في قفاه، وركع؛ لم تبد عورته)، وقال ابن بطال: (عقد الإزار على القفا إذا لم يكن مع الإزار سراويل) انتهى.

قلت: وهو ظاهر اللفظ؛ لأنَّ الحر حر الحجاز، فالظاهر: أنه لم يكن عليهم سراويل، وهو لا يضر؛ لأنَّ الإزار يستر العورة قطعًا، فلا حاجة إلى السراويل حينئذ؛ فتأمل.

[حديث: عقد الإزار على القفا في الصلاة]

٣٥٢ - وبالسند إليه قال: (حدثنا أحمد ابن يونس) : نسبة لجده؛ لشهرته به، وإلا؛ فهو أحمد بن عبد الله بن يونس بن عبد الله بن قيس، التميمي اليربوعي، أبو عبد الله، الكوفي، المتوفى سنة سبع وعشرين ومئتين في ربيع الأول بالكوفة عن أربع وستين سنة (قال: حدثنا عاصم بن محمد)؛ هو ابن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه (قال: حدثني) بالإفراد (واقِد بن محمد)؛ بالقاف المكسورة، والدال المهملة، هو أخو (٢) عاصم بن محمد القرشي، العدوي، العمري، المدني، (عن محمد بن المنكدر)؛ هو التابعي المشهور، وفي الإسناد رواية الأخ عن الأخ، وهما عاصم وواقد، فإنَّهما أخوان ابنا محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وفيه رواية: (التابعي عن التابعي من طبقة واحدة، وهما واقد ومحمد بن المنكدر)، وهذا الطريق انفرد به البخاري، قاله إمام الشَّارحين، (قال: صلى جابر)؛ هو ابن عبد الله الأنصاري (في إِزار)؛ بكسر الهمزة: الملحفة (قد عقده) أي: الإزار (من قِبَل)؛ بكسر القاف، وفتح الموحدة؛ بمعنى: الجهة؛ أي: من جهة (قفاه) : وكلمة (من) تتعلق بقوله: (عقده)، وهذه الجملة في محل جر؛ لأنَّها صفة لـ (إزار) (وثيابه موضوعة) : جملة اسمية وقعت حالًا (على المِشْجَب)؛ بكسر الميم، وسكون الشين المعجمة، وفتح الجيم، آخره موحدة؛ وهو ثلاثة أعواد تعقد رؤوسها، ويفرج بين قوائمها، يعلق عليها الثياب، وفي «المحكم» : (وهو الخشبات الثلاث التي يعلق عليها الراعي دلوه وسقاه، والجمع: شجب)، وفي «المنتهى» في اللغة: (يقال: فلان مثل المشجب من حيث أممته وجدته)، وفي «عمدة القاري» : (المشجب يقال له: السِّيْبَه في لغة أهل الحضر، وهي بكسر السين المهملة، وسكون التحتية، وفتح الموحدة، في آخره هاء).

قلت: وهو أيضًا في لغة أهل الشام يستعمله ركاب الحاجِّ الشامي، وكذا الجزارون (٣).

(فقال) : وفي رواية: (قال) (له قائل) : هو عبادة بن الوليد بن الصامت؛ كما في «مسلم»، (تصلي في إزار واحد)؛ يعني: أتصلي؛ بهمزة الاستفهام على سبيل الإنكار، والهمزة محذوفة لكنها مقدرة؛ يعني: أتصلي في إزار واحد، وعندك ثياب غيرها، وليس عليك منها شيء؟ (فقال) أي: جابر له: (إنما صنعت هذا) بالهاء، والذال، والألف، كذا في رواية المستملي، وفي رواية: (ذلك)؛ باللام قبل الكاف، وفي رواية الحموي والكشميهني: (ذاك)؛ بالذال، والألف، والكاف، وأشار جابر بهذا إلى ما فعله من صلاته، وإزاره الواحد معقود على قفاه، وثيابه موضوعة على المشجب؛ (ليراني) أي: لأنَّ يراني (أحمقُ)؛ بالرفع فاعله غير منصرف؛ ومعناه: الجاهل، وهو صفة مشبهة من الحُمْق؛ بضم الحاء المهملة، وسكون الميم؛ وهو قلة العقل، وقد حمق الرجل -بالضم- حماقة، فهو أحمق، وحمق أيضًا -بالكسر- يحمق حمقًا؛ مثل: غنم غنمًا، فهو حمِق، وامرأة حمقاء، وقوم ونسوة حمق، وحمقى، وحماقى، وأحمقت الرجل: إذا وجدته أحمق، وحمقته تحميقًا: نسبته إلى الحمق، وحامقته: إذا ساعدته على حمقه، واستحمقته: إذا عددته أحمق، وتحامق فلان: إذا تكلف الحماقة)، وقال ابن الأثير: وحقيقة الحمق: وضع الشيء في غير موضعه مع


(١) في الأصل: (مستعلى)، وكذا لاحقًا، ولعل المثبت هو الصواب.
(٢) في الأصل: (أخ)، ولعل المثبت هو الصواب.
(٣) في الأصل: (الجزارين)، ولعل المثبت هو الصواب.

<<  <   >  >>