للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

«الصحيح»، وهذا وجه مطابقته للترجمة؛ فافهم.

[حديث: أين تحب أن أصلي من بيتك؟]

٤٢٥ - وبالسند إلى المؤلف قال: (حدثنا سعِيد ابن عُفَيْر)؛ بضمِّ العين المهملة وفتح الفاء وسكون التحتية، نسبه لجده؛ لشهرته به، وهو سعيد بن كثير بن عفير المصري، وعين سعِيد مكسورة (قال: حدثني) بالإفراد (الليث) هو ابن سعد الفهمي المصري الحنفي (قال: حدثني) بالإفراد أيضًا (عُقَيل)؛ بضمِّ العين المهملة وفتح القاف، هو ابن خالد الأيلي، (عن ابن شهاب)؛ هو محمد بن مسلم ابن شهاب الزهري المدني، ونسبه لجده؛ لشهرته به (قال: أخبرني) بالإفراد (محمود بن الرَّبيع) بفتح الراء (الأنصاري) الخزرجي الصحابي: (أن عتْبان بن مالك)؛ بضمِّ العين المهملة وكسرها وسكون الفوقية، هو الأنصاري السالمي المدني الصحابي المتوفى بالمدينة زمن معاوية، والجملة في محل النصب على أنها مفعول ثان؛ لقوله: (أخبرني)، كذا في «عمدة القاري».

وقال إمام الشَّارحين: (وفي الحديث: رواية الصحابي عن الصحابي، فإن قلت: من قوله: «أنَّ عُتْبان» إلى قوله: «قال عتبان» من رواية محمود بغير واسطة، فيكون مرسلًا، فلا يكون رواية الصحابي عن الصحابي.

ومن هذا قال الكرماني: «الظاهر أنَّه مرسل»؛ لأنَّه لا جرم أنَّ محمودًا سمع من عتبان أنَّه رأى بعينه ذلك؛ لأنَّه كان صغيرًا عند وفاة النبيِّ عليه السَّلام.

قلت: قد وقع تصريحه بالسماع عند البخاري من طريق مَعْمَر، ومن طريق إبراهيم بن سعد، كما مر في الباب الماضي، ووقع التصريح بالتحديث أيضًا بين عتبان ومحمود من رواية الأوزاعي، عن ابن شهاب عند أبي عوانة؛ فيكون رواية الصحابي عن الصحابي، فيُحمل قوله: «قال عتبان» على أن محمودًا أعاد اسم شيخه؛ اهتمامًا بذلك؛ لطول الحديث) انتهى.

قلت: وهذا يردُّ على ما زعمه الكرماني، وكأنَّه لم يطلع (١) على هذه الروايات، فللَّه درُّ إمامنا الشَّارح!

واختلف فيما إذا قال: (حدثنا فلان بن فلان قال: كذا، أو فعل كذا)، فقال الجمهور: هو كـ (عن) محمول على السماع بشرط أن يكون الراوي غير مدلس، وبشرط ثبوت اللقاء على الأصح.

وقال أحمد وغيره: (يكون منقطعًا حتى يتبين السماع)، كذا في «عمدة القاري».

قلت: ومع هذا، فإنَّ عنعنة «الصحيحين» مقبولة محمولة على السماع؛ فافهم.

(وهو من أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم) وكان إمام قومه على عهد النبيِّ الأعظم صلَّى الله عليه وسلَّم (ممَّن شهد بدرًا من الأنصار) رضي الله عنه، أشار بذلك؛ لإفادة تقوية الرواية، وتعظيمه، والافتخار، والتلذذ به، وإلا؛ كان هو مشهورًا بذلك، أو غرضه التعريف للجاهل به؛ فافهم.

(أنَّه أتى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم) وهذا بدل من قوله: (أنَّ عتبان)، وفي رواية ثابت عن أنس: (عن عتبان).

فإن قلت: جاء في رواية مسلم: أنَّه بعث إلى النبيِّ الأعظم صلَّى الله عليه وسلَّم يطلب منه ذلك، فما وجه الروايتين؟

قلت: يحتمل أن يكون جاء إلى النبيِّ عليه السَّلام بنفسه مرة، وبعث إليه رسوله مرة أخرى؛ لأجل التذكير، قاله إمام الشَّارحين.

وزَعْمُ ابن حجر يحتمل أن يكون نسب إتيان رسوله إلى نفسه مجازًا.

وردَّه في «عمدة القاري» فقال: (الأصل في الكلام الحقيقة، والدليل عليه: ما رواه الطبراني من طريق أبي أويس عن ابن شهاب بسنده أنَّه قال: قال للنبيِّ (٢) صلَّى الله عليه وسلَّم يوم جمعة: «لو أتيتني يا رسول الله»، وفيه: أنَّه أتاه يوم السبت) انتهى.

قلت: ولا يصار إلى المجاز إلا عند تعذر الحقيقة، وههنا أمكن الحمل على الحقيقة، بل تعين الحمل عليها بدلالة ما رواه الطبراني، فكلام ابن حجر ليس بشيء؛ فافهم.

(فقال يا رسول الله: قد أنكرت بصري) يحتمل معنيين: ضعف البصر، أو العمى.

وفي رواية مسلم: (لما ساء بصري).

وفي رواية الإسماعيلي: (جعل بصري يكلُّ).

وفي رواية أخرى لمسلم من طريق سليمان بن المغيرة عن ثابت: (أصابني في بصري بعض الشيء).

وكل ذلك يدلَّ على أنَّه لم يكن بلغ العمى.

وفي رواية للبخاري في باب: (الرخصة في المطر) من طريق مالك عن ابن شهاب، فقال فيه: (إنَّ عتبان كان يؤم قومه وهو أعمى، وأنَّه قال لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: إنَّها تكون الظلمة والسَّيل، وأنا رجل ضرير البصر).

فإن قلت: بين هذه الرواية والروايات التي تقدمت تعارض.

قلت: لا معارضة فيها؛ لأنَّه أطلق عليه العمى في هذه الرواية؛ لقربه منه، وكان قد قَرُبَ من العمى، والشيء إذا قرب إلى الشيء يأخذ حكمه، انتهى، كذا قاله إمام الشَّارحين.

(وأنا أصلي لقومي)؛ أي: لأجلهم، والمعنى: أنَّه كان يؤمهم، وصرَّح بذلك أبو داود الطيالسي عن إبراهيم بن سعد؛ كذا في «عمدة القاري».

قلت: وصرَّح بذلك أيضًا المؤلف في باب (الرخصة في المطر) من طريق مالك عن ابن شهاب، ولم يبيِّن مَنْ قومه، والظَّاهر: أنَّهم جمع من الأنصار؛ فتفحَّص.

(فإذا كانت الأمطار)؛ أي: وجدت؛ فـ (كان) تامة، ولهذا ليس لها خبر، وهو جمع مطر؛ وهو ماء المزن؛ (سال الوادي)؛ أي: سال ماؤه، فهو من قبيل إطلاق اسم المحل على الحال (الذي بيني وبينهم) وفي رواية الإسماعيلي: (يسيل الوادي الذي بيني وبين مسجد قومي، فيحول بيني وبين الصلاة معهم)، كذا في «عمدة القاري».

(لم أستطع أن آتي مسجدهم) ولابن عساكر: (المسجد) (فأصلي بهم) بالموحدة، ونصب (أُصلِّيَ) عطفًا على قوله: (أن آتيَ) وللأصيلي: (فأصلِّي لهم)؛ باللام؛ أي: لأجلهم.

(وودِدْت)؛ بكسر الدال المهملة الأولى، ومعناه: تمنيت، قاله ثعلب.

وفي «الجامع» للقزاز، وحكى الفراء عن الكسائي: (ودَدت)؛ بالفتح، ولم يحكها غيره، والمصدر: وُدٌّ فيهما، ويقال في المصدر: الوَد، والوِد، والوُد والوَداد، والوِداد، والكسر أكثر، والوِدادة والوَدادة، وجاء: مودَّة، حكاه مكي في «شرحه».

وقال اليزيدي في «نوادره» : (ليس في شيء من العربية ودَدَت مفتوحة)؛ كذا في «عمدة القاري».

(يا رسول الله أنك تأتيني فتصليَْ)؛ بسكون التحتية وبنصبها، كما في «الفرع»؛ جوابًا للتمني؛ لوقوع الفاء بعد التمني (في بيتي) يحتمل الإضافة أن تكون للملك، وأن تكون لغيره، وأضافه لنفسه؛ باعتبار سكناه


(١) في الأصل: (يضطلع)، وليس بصحيح.
(٢) في الأصل: (النبي)، وليس بصحيح.

<<  <   >  >>