للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

مطابقة للترجمة، فقال: (وقال مَعْمَر)؛ بفتح الميمين، بينهما عين مهملة ساكنة: هو ابن راشد، كما وصله عبد الرزاق في «مصنفه» عنه: (رأيت الزهري) : هو محمد بن مسلم ابن شهاب، (يلبس) : في الصلاة (من ثياب اليَمَن)؛ بفتح التحتية والميم، وهو الإقليم المعروف (ما صُبغ بالبول)؛ بضم الصاد المهملة، إن كان المراد منه جنس البول؛ فهو محمول على أنه يغسله قبل لبسه، وإن كان المراد منه البول المعهود وهو بول ما يؤكل لحمه؛ فهو طاهر عند الزهري، كذا في «عمدة القاري»، وتبعه الشراح.

قلت: والظاهر: أن مراده الأول، وهو الجنس، وصباغ اليمن الأصفر والترابي، فإنه إذا صبغ بالبول وتلون، ثم غسل بعد ذلك، ولم يذهب لونه؛ فهو طاهر تصح الصلاة معه، وهذا معنى كلام معمر عن الزهري.

(وصلى علي) : زاد الأصيلي: (ابن أبي طالب رضي الله عنه) مما رواه ابن سعد (في ثوب غير مقصور)؛ أي: غير مغسول، وهو ما كان على أصل نسجه، أراد به: الخام، والمراد: أنه كان جديدًا لم يغسل، فصلى به قبل أن يغسله، وقال ابن التين: (غير المقصور؛ أي: غير المدقوق)، ورده إمام الشَّارحين فقال: (القصر: ليس مجرد الدق، والدق لا يكون إلا بعد الغسل الذي يبالغ فيه) انتهى.

قلت: فغير المقصور هو الخام الذي على أصل نسجه، والمقصور هو المغسول، والدق بعده، وقال الداودي: (أي: لم يلبس بعد).

قلت: يعني: بأن كان جديدًا.

وقال إمام الشَّارحين: (روى ابن سعد من طريق عطاء بن محمد قال: رأيت عليًّا رضي الله عنه صلى وعليه قميص كرابيس غير مغسول، فعلم من هذه الآثار الثلاثة: جواز لبس الثياب التي ينسجها الكفار، وجواز لبس الثياب التي تصبغ بالبول بعد الغسل، وجواز لبس الثياب الخام قبل الغسل) انتهى.

وقال ابن بطال: (واختلفوا في الصلاة في ثياب الكفار، وأجاز الكوفيون والشافعي لباسها وإن لم تغسل حتى يتبين فيها النجاسة، وقال مالك: يستحب ألا يصلي علىها إلا من حر أو برد أو نجاسة بالموضع، وقال أيضًا: تكره الصلاة في الثياب التي ينسجها المشركون وفيما لبسوه، فإن فعل؛ يعيد في الوقت، وقال إسحاق: جميع ثيابهم طاهرة) انتهى.

قلت: وذكر صاحب «المنية» : (أنه لو أدخل يده في الدهن النجس، أو اختضبت المرأة بالحناء النجس، أو صبغ الثوب بالصبغ النجس، ثم غسل كلًّاثلاثًا؛ طهر)، وقال صاحب «المحيط» في الثوب المصبوغ: (إنما يطهر إن غسله حتى يصفو الماء، ويسيل أبيض) انتهى.

لكن صرح الإمام الجليل قاضيخان في «الخانية» : (بأن الثوب المصبوغ بالصبغ النجس إذا غسل ثلاثًا؛ يطهر؛ كالمرأة إذا اختضبت بحناء نجس) انتهى.

لكن ذكر في موضع آخر مسألة الحناء وقال: (وينبغي ألا يطهر ما دام يخرج الماء ملونًا بلون الحناء، فعلم من هذا اشتراط صفو الماء المتقاطر).

وذكر سيدي الإمام العارف عبد الغني النابلسي: (أن مسألة الحناء أو الصبغ أو غمس اليد في الدهن النجس مبنية على أحد قولين: إمَّا على أنَّ الأثر الذي يشق زواله لا يضر بقاؤه، وإمَّا على ما روي عن الإمام أبي يوسف من أن الدهن يطهر بالغسل ثلاثًا، وعليه الفتوى)، كما في «شرح المنية»، فمن بنى على الأول؛ اشترط في هذه المسائل صفو الماء؛ لكون اللون الباقي أثر شق زواله، فعفي عنه، ومن بنى على الثاني؛ اكتفى بالغسل ثلاثًا؛ لأنَّ الحناء والصبغ والدهن المتنجسان تصير طاهرة بالغسل ثلاثًا، فلا يشترط بعد ذلك خروج الماء صافيًا) انتهى.

قلت: لكن الأحوط القول الأول، ولهذا قال ابن أمير حاج: (والأشبه القول الأول، فليكن التعويل عليه في الفتوى) انتهى.

وقال سيدي العارف: (وهذا بخلاف المصبوغ بالدم؛ كالثياب الحمر التي تجلب في زماننا من ديار بكر، فلا تطهر أبدًا ما لم يخرج الماء صافيًا، ويعفى عن اللون، ومن ذلك المصبوغ بالدودة، فإنها ميتة يتجمد فيها الدم النجس ما لم تكن من دود يتولد في الماء، فتكون طاهرة، لكن بيعها باطل، ولا يضمن متلفها، ولا يملك ثمنها بالقبض؛ لأنَّ الميتة ليست بمال) انتهى.

قلت: يعني: أن المصبوغ بالدم، وكذلك المصبوغ بالبول -كما سبق- يشترط في طهارته صفو الماء قولًا واحدًا اتفاقًا، وتمامه في شرحنا «منهل الطلاب»، والله أعلم بالصواب.

[حديث: يا مغيرة خذ الإداوة]

٣٦٣ - وبالسند إليه قال: (حدثنا يحيى) : هو ابن موسى، أبو زكريا البلخي المعروف بخَتٍّ-بفتح الخاء المعجمة، وتشديد المثناة الفوقية- كذا جزم به إمام الشَّارحين، وزعم الكرماني أنه يحتمل أن يكون ابن جعفر أبو زكريا البيكندي، ويحتمل أن يكون يحيى بن معين؛ لأنَّه يروي عن أبي معاوية، انتهى.

قلت: وهو ممنوع، فلا نسلم واحدًا منهما، وقد جزم القسطلاني تبعًا لإمام الشَّارحين: (أنه البلخي)؛ فليحفظ.

(قال: حدثنا أبو معاوية) : هو محمد بن خازم -بالخاء والزاي المعجمتين- الكوفي، الضرير، وزعم الكرماني أنه يحتمل أن يراد به أبو معاوية شيبان النحوي.

قلت: وهو ممنوع، ولا نسلم ذلك، وقد جزم إمام الشَّارحين وتبعه ابن حجر والقسطلاني: بأنه الأول؛ فليحفظ.

(عن الأعمش) : هو سليمان بن مهران، الكوفي الأسدي، (عن مسلم) : هو ابن صُبَيْح -بضم الصاد المهملة، وفتح الموحدة، وسكون التحتية- أبو الضحى، العطاردي، وزعم الكرماني أنه يحتمل أن يراد به مسلم بن عمران البطين.

قلت: وهو ممنوع، ولا نسلم ذلك، وقد جزم إمام الشَّارحين وتبعه ابن حجر والقسطلاني: أنه الأول؛ فليحفظ.

وفي «عمدة القاري» : (وأمثال هذه الترددات لا تقدح في صحة الحديث ولا في إسناده؛ لأنَّ أيًّا كان منهم؛ فهو عدل ضابط بشرط البخاري بدليل أنه قد روى عن كل منهم)، وزعم ابن حجر أن يحيى لم يرو عن شيبان، ورده إمام الشَّارحين فقال: (قلت: هذا نفي لا يعارض الإثبات) انتهى؛ فافهم.

(عن مسروق) : هو ابن الأجدع الهمداني، وسمي به؛ لأنَّه سرقه سارق في صغره، (عن مغيرة بن شعبة) : هو ابن مسعود الثقفي الكوفي الصحابي، أمير الكوفة رضي الله عنه (قال: كنت مع النبيِّ) الأعظم (صلَّى الله عليه وسلَّم في سفر)؛ أي: غزوة تبوك، وكانت في رجب سنة تسع، (فقال) ولأبي ذر: (قال)؛ أي: النبيُّ الأعظم صلَّى الله عليه وسلَّم: (يا مغيرة؛ خذ الإِداوة)؛ بكسر الهمزة؛ أي: المطهرة، والجمع أداوَى، (فأخذتها) : وفيها الماء، كما عند المؤلف في (المسح على الخفين) (فانطلق رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حتى توارى)؛ أي: غاب وخفي (عني) : فلم أره (فقضى)؛ بالفاء، وللأصيلي: (وقضى) (حاجته) الضرورية (وعليه جُبَّة)؛ بضم الجيم، وتشديد الموحدة: ما تلبس فوق الثياب (شامية) : منسوبة إلى الشام؛ يعني: من نسج الكفار القاطنين وقتئذٍ بالشام؛ لأنَّها كانت وقتئذٍ دار كفر، فأنقذها الله

<<  <   >  >>