للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٢٢) [باب من اتخذ ثياب الحيض سوى ثياب الطهر]

هذا (باب) في بيان (من اتخذ) كذا في أكثر الروايات، وفي رواية الكشميهني، كما ذكره إمام الشارحين في «عمدة القاري» : (باب من أعد)؛ بالعين والدال المهملتين من الإعداد، وفي رواية: (من أخذ) بوب عليه القسطلاني، ولم يعزها لأحد من الرواة، والعهدة عليه؛ لأني لم أر لها ذكر، ولهذا لم يتعرض لها إمام الشارحين، فالظاهر أنها خطأ أو سهو؛ فافهم؛ والمعنى: من اتخذ أو أعد من النساء (ثياب الحيض)؛ يعني: ثيابًا معدة للحيض (سوى ثياب الطهر)؛ يعني: سوى ثيابها التي تلبسها وهي طاهرة، والمناسبة بين البابين من حيث المذكور فيهما واحد؛ فافهم.

[حديث أم سلمة: بينا أنا مع النبي مضطجعة في خميلة]

٣٢٣ - وبالسَّند إلى المؤلف قال: (حدثنا مُعاذ) بضمِّ الميم، آخره ذال معجمة (بن فُضَالة) بضمِّ الفاء وفتحها مع فتح الضاد المعجمة، هو أبو زيد الزهراني البصري (قال: حدثنا هشام) هو الدستوائي، (عن يحيى) هو ابن أبي كثير بالمثلثة، (عن أبي سَلَمَة)؛ بفتحات: هو عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف، (عن زينب بنت أبي سَلَمَة)؛ بفتحات: هي بنت أم سَلَمَة الصحابية بنت أم المؤمنين، (عن أم سَلَمَة)؛ بفتحات: وهي أم المؤمنين، واسمها هند بنت أبي أمية رضي الله تعالى عنها (قالت: بينا) أصله (بين) فأشبعت فتحة النون بالألف، و (بينا) و (بينما) ظرفان؛ بمعنى: المفاجأة، ومضافان إلى جملة من فعل وفاعل، ومبتدأ وخبر، ويحتاجان إلى جواب يتم به المعنى، والأفصح في جوابهما ألا يكون فيه (إذ)، و (إذا)؛ فافهم.

(أنا مع النبي) الأعظم (صلَّى الله عليه وسلَّم مضطجعة) أصله: مضتجعة؛ لأنَّه من باب (الافتعال)، فقلبت التاء طاء، ويجوز فيه الرفع والنصب، أما الرفع؛ على الخبرية، وأما النصب؛ فعلى الحال (في الخَمِيلة)؛ بفتح الخاء المعجمة، وكسر الميم، وهي القطيفة ونحوها مما ينسج ويفضل له فضول، كما تقدم؛ (حِضت)؛ بكسر الحاء المهملة لا غير، جواب (بينا) وهو العامل فيه، (فانسللت) أي: ذهبت خفية؛ لاحتمال وصول شيء من آلته عليه السلام، أو لاستقذارها نفسها، أو لخوف نزول الوحي عليه (فأخذت ثياب حِيضتي)؛ بكسر الحاء المهملة لا غير؛ أي: فلبستها، فرآني النبي الأعظم صلَّى الله عليه وسلَّم (فقال) لها: (أنَفِست؟)؛ بفتح النون، وكسر الفاء، وقيل: بضمِّ النون وفتحها، وفي الحَيض بالفتح لا غير، وفي «الواعي» : (بضمِّ النون: حاضت)، كما قدمناه، (فقلت) وفي رواية بإسقاط الفاء: (قلت) (نعم) أي: نفست، (فدعاني) إلى المكان الذي هو فيه، وأمرني (فاضطجعت معه في الخميلة) أي: القطيفة الأولى؛ لأنَّ المعرفة إذا أعيدت معرفة؛ يكون الثاني عين الأول، كما سبق.

قال إمام الشارحين: (ومطابقة الحديث للترجمة ظاهرة)، وقال ابن بطال: إن قيل: هذا الحديث يعارض قول عائشة رضي الله عنها: (ما كان لإحدانا إلا ثوب واحد تحيض فيه).

قيل: لا تعارض، فإن حديث عائشة في بدء الإسلام؛ لقيام الشدة والقلة، إذن قبل فتح الفتوح في الغنائم، فلما فتح عليهم؛ اتسعت واتخذت النساء ثيابًا للحيض سوى ثيابهن للباس، فأخبرت أم سَلَمَة عن ذلك الوقت) انتهى.

وفي الحديث دليل على جواز النوم مع الحائض في ثيابها، والاضطجاع معها في لحاف واحد، وفيه استحباب اتخاذ المرأة ثيابًا للحيض غير ثيابها المعتادة، وفيه: أن عرقها طاهر إلى غير ذلك مما قدمناه؛ فليحفظ.

(٢٣) [باب شهود الحائض العيدين ودعوة المسلمين ويعتزلن المصلى]

هذا (باب) في بيان حكم (شهود) أي: حضور المرأة (الحائض) ومثلها: النفساء يومي (العيدين) أي: الأضحى والفطر (ودعوةَ المسلمين)؛ بالنصب عطف على (العيدين)، وهي الاستسقاء، نص عليه الكرماني، واعترضه إمام الشارحين صاحب «عمدة القاري» بأن دعوة المسلمين أعم من الاستسقاء على ما لا يخفى.

قلت: وتبع الكرماني القسطلاني فقد وهم كما وهم، والحق أنها أعم، فتشمل صلاة الكسوف، والخسوف، والجنازة، وغيرها، كما يأتي بيانه؛ فليحفظ.

(ويعتزلن) أي: حال كونهن يعتزلن، وفي رواية ابن عساكر: (واعتزالهن) (المصلى) وهو مكان الصَّلاة تحرزًا وتنزيهًا، وصيانة عن وقوع شيء منها في المصلى فيتنجس، وعن مخالطة الرجال من غير حاجة، ولا صلاة، بل وعن المخالطة مطلقًا ولو لحاجة؛ لفساد الزمان، وإنما لم يحرم دخولهن، وكذا الجنب؛ لأنَّه ليس بمسجد من كل وجه، وإنما جمعه؛ لأنَّ الحائض اسم جنس؛ فبالنظر إلى معناه يجوز الجمع والمناسبة بين البابين من حيث إن المذكور فيه حكم من أحكام الحيض، كما أن الحائض في الباب السابق كذلك؛ فافهم.

[حديث حفصة: كنا نمنع عواتقنا أن يخرجن في العيدين]

٣٢٤ - وبالسَّند إلى المؤلف قال: (حدثنا محمَّد) كذا في أكثر الروايات، وفي رواية أبي ذر: (محمَّد بن سلام)، وفي رواية كريمة: (محمَّد هو ابن سلَام)؛ بتخفيف اللام، كذا قاله إمام الشارحين في «عمدة القاري»، والمراد به: البيكندي (قال: حدثنا) كذا في رواية الأكثرين، وفي رواية كريمة: (أخبرنا) (عبد الوهاب)؛ هو الثقفي بالمثلثة، (عن أيُّوب) هو السختياني، (عن حفصة) هي بنت سيرين أم الهذيل الأنصارية البصرية أخت محمَّد بن سيرين أنها (قالت: كنا نمنع عواتقَنا) بالنصب مفعول (نمنع)، وهذه الجملة في محل النصب؛ لأنَّها خبر (كنا)، كذا قاله إمام الشارحين، ثم قال: (والعواتق جمع عاتق؛ بمعنى: شابة أول ما أدركت؛ فخدرت في بيت أهلها، ولم تفارق أهلها إلى زوج)، وفي «الموعب» : قال أبو زيد: (العاتق من النساء: التي أدركت وبين التي قد عنست، والعاتق: التي لم تتزوج)، وعن الأصمعي: (هي من الجواري فوق المعصر)، وعن أبي حاتم: (هي التي لم تبن عن أهلها)، وعن ثابت: (هي البكر التي لم تبن إلى الزوج)، وعن ثعلب: (سميت عاتقًا؛ لأنَّها عتقت عن خدمة أبويها ولم يملكها زوج بعد)، وفي «المخصص» : (التي أوشكت البلوغ)، وقال الأزهري: هي الجارية التي قد أدركت وبلغت ولم تتزوج، وقيل: هي التي بلغت أن تدرع، وعتقت من الصبا (١) والاستعانة بها في مهنة أهلها) انتهى.

(أن يخرجن) أي: من أن يخرجن، و (أن) مصدرية؛ أي: من خروجهن (في العيدين) الأضحى والفطر إلى المصلى، (فقدِمت)؛ بكسر الدال المهملة المخففة (امرأة) قال إمام الشارحين: (لم أقف على اسمها) (فنزلت قصر بني خلف) كان بالبصرة، منسوب إلى طلحة بن عبد الله بن خلف الخزاعي المعروف بـ (طلحة الطلحات)، كذا زعمه ابن حجر.

ورده إمام الشارحين صاحب «عمدة القاري» فقال: (قلت: ليس منسوبًا إلى طلحة، بل هو منسوب إلى خلف جد طلحة المذكور، وكذا جاء مبينًا في رواية) انتهى.

(فحدثت عن أختها) قيل: هي أخت أم عطية، وقيل: غيرها، ونص القرطبي على أنها أم عطية، قاله إمام الشارحين (وكان زوج أختها) قال إمام الشارحين صاحب «عمدة القاري» : (لم أقف على اسمه)؛ فافهم، (غزا مع النبي) الأعظم، وللأَصيلي: (مع رسول الله) (صلَّى الله عليه وسلَّم ثنْتي)؛ بسكون النون، وقيل: بكسرها (عشرة غزوة) كذا في رواية الأَصيلي، وفي رواية غيره بإسقاط لفظ (غزوة) فقط: (وكانت أختي) أي: قالت المرأة المحدثة: (كانت أختي)، ولا بد من تقدير قالت حتى يصح المعنى، وتقدير القول في الكلام غير عزيز؛ فافهم، (معه) أي: مع زوجها أو مع النبي الأعظم صلَّى الله عليه وسلَّم (في ست) أي: في ست غزوات، وروى الطبراني: أنها غزت معه سبعًا، كذا في «عمدة القاري»، (قالت)؛ أي: الأخت لا المرأة (كنا) وإنما قالت: (كنا) بلفظ الجمع؛


(١) في الأصل: (الصباء).

<<  <   >  >>