للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لبيان فائدة حضور النساء الغزوات على سبيل العموم، قاله إمام الشارحين (نداوي)؛ بضمِّ النون، من المداواة (الكَلْمَى) بفتح الكاف، وسكون اللام، وفتح الميم، جمع كليم، وهو على القياس؛ لأنَّه فعيل بمعنى: مفعول، والمراد به: الجرحى، وقال ابن سيده: جمع كليم كلوم، وكلام، وكلمة، وتكلمة، وتكلمة من باب (نصر ينصر)، و (ضرب يضرب)، وكلمًا؛ بالفتح مصدره، وكلمه جرحه، ورجل مكلوم وكليم)، وفي «الصحاح» : (التكليم: التجريح)، قاله في «عمدة القاري»، وقوله: (ونقوم على المَرْضى) بفتح الميم، وسكون الراء محمول عليه؛ لأنَّ الكلمى هو: المرضى، إلا أن يقال: الكلمى: الجرحى، والمرضى: من به مرض غير الجراحة؛ فليحفظ

يدل لما قلنا قولها في الأول: (نداوي)، وفي الثاني: (نقوم)، فدل على المغايرة؛ فافهم.

(فسألتْ) بتاء التأنيث (أختي النبي) الأعظم (صلَّى الله عليه وسلَّم) عن عدم تسترهن بحضرة الكلمى والمرضى حيث يتعاهدنهم، فقالت له: (أعلى إحدانا) الهمزة فيه للاستفهام (بأس) أي: حرج وإثم بفعلنا ذلك (إذا) وللأصيلي: (إن) (لم يكن لها جِلْباب؟)؛ بكسر الجيم، وسكون اللام، وبموحدتين بينهما ألف؛ وهو خمار واسع كالملحفة تغطي به المرأة رأسها وصدرها، وتجلبت المرأة وجلببها غيرها، ولم يدغم؛ لأنَّه ملحق، وفي «المحكم» : (الجلباب: القميص، وقيل: ثوب واسع دون الملحفة تلبسه المرأة، وقيل: ما يغطى به الثياب من فوق كالملحفة)، وفي «الصحاح» : (الجلباب: الملحفة، والمصدر: الجلبية، ولم يدغم؛ لأنَّها ملحقة بدحرجة)، وفي «الغريبين» : (الجلباب: الإزار، وقيل: هي الملاءة التي تشتمل بها)، وقال القاضي عياض: (هي أقصر من الخمار وأعرض، وهي المقنعة، وقيل: هي الرداء تغطي به المرأة ظهرها وصدرها)، كذا قاله في «عمدة القاري»، (ألَّا تخرج)؛ أي: ليلًا تخرج، و (أن) مصدرية؛ أي: لعدم خروجها إلى المصلى للعيد (قال) أي: النبي الأعظم صلَّى الله عليه وسلَّم لها: (لتلبسْها)؛ بجزم السين المهملة، وقوله: (صاحبتُها)؛ بالرفع فاعله، وفي رواية: (فتلبسُها)؛ برفع السين المهملة، وبالفاء بدل اللام (من جلبابها) أي: تعيرها من ثيابها ما لا تحتاج إليه، وقيل: تشركها معها في لبس الثوب الذي عليها، وهذا مبني على أن يكون الثوب واسعًا حتى يسع فيه اثنان، وفيه نظر كما ما سيأتي في باب (إذا لم يكن لها جلباب في العيدين)، وقيل: هو مبالغة؛ ومعناه: يخرجن ولو كانت ثنتان في ثوب واحد، كذا قاله إمام الشارحين.

قلت: والأظهر الثاني؛ يعني: أنَّه على سبيل المبالغة؛ لأجل الجزر، ولئلا يتحيلن في عدم الجلباب، وهو أقرب إلى الصواب، والله أعلم.

(ولتشهد الخير) أي: ولتحضر مجالس الخير؛ كسماع الحديث، والعلم، وعيادة المريض، ونحو ذلك، (ودعوة المسلمين) كلام إضافي منصوب عطفًا على (الخير)، وذلك كالاجتماع لصلاة الاستسقاء، وفي رواية الكشميهني: (ودعوة المؤمنين)، قالت حفصة: (فلما قدِمت) بكسر الدال المهملة المخففة (أم عطية) واختلف في اسمها فقيل: نُسيبة؛ بضمِّ النون، وقيل: بفتح النون، وكسر السين المهملة، كذا زعمه الخطيب، وزعم القشيري: أنها بنون، وشين معجمة، وزعم ابن الجوزي أنها لُسَيْنَة؛ بلام مضمومة، وسين مهملة مفتوحة، وتحتية ساكنة، ونون مفتوحة، واختلف أيضًا في اسم أبيها فقيل: الحارث، وقيل: كعب؛ (سألتها) أي: سألت حفصة أم عطية: (أسمعت النبيَّ) الأعظم (صلَّى الله عليه وسلَّم) الهمزة فيه للاستفهام؛ وتقديره: هل سمعت النبي الأعظم صلَّى الله عليه وسلَّم يقول المذكور؟ والمفعول الثاني محذوف، وقد قدمنا أن النحاة اختلفوا في (سمعت) هل يتعدى إلى مفعولين؟ على قولين؛ فالمانعون يجعلون الثاني حالًا، كذا في «عمدة القاري» (قالت)؛ أي: أم عطية (بأبِيْ)؛ بموحدة بعدها همزة، ثم موحدة مكسورة، ثم تحتية ساكنة، هذه الرواية المشهورة، وفي رواية الكشميهني: (بيبي (١))؛ بقلب الهمزة ياء تحتية، وفي رواية الأصيلي: (بأبا)؛ بفتح الموحدة، وإبدال ياء المتكلم ألفًا، وفي رواية: (بيبا)؛ بقلب الهمزة ياء، وفتح الموحدة، قال إمام الشارحين بعد ذكر اللغات الأربع قلت: الباء في (بأبي) متعلقة بمحذوف؛ تقديره: أنت مفدى بأبي، فيكون المحذوف اسمًا، وما بعده في محل الرفع على الخبرية، ويجوز أن يكون المحذوف فعلًا؛ فعلى تقديره يكون المحذوف فديتك، ويكون ما بعده في محل النصب، وهذا المحذوف حذف؛ طلبًا للتخفيف؛ لكثرة الاستعمال، وعلم المخاطب به، واللغتان الأولتان فصيحتان، وأصل بابا: بأبي هو، ويقال: بأبأت (٢) الصبي؛ إذا قلت له: بأبي أنت وأمي؛ فلما سكنت الياء؛ قلبت ألفًا، وفي رواية الطبراني: (بأبي هو وأمي) انتهى.

(نعم) أي: سمعته يقول المذكور، (وكانت) أي: أم عطية (لا تذكره) أي: النبي الأعظم صلَّى الله عليه وسلَّم (إلا قالت: بأبي) أي: النبي الأعظم صلَّى الله عليه وسلَّم مفدى بأبي أو أنت مَفْديٌّ بأبي، ويحتمل أن يكون قسمًا؛ أي: أقسم بأبي، لكن الوجه الأول (٣) أقرب إلى السياق، وأظهر، وأولى، قاله في «عمدة القاري»، (سمعته يقول)؛ فالجملة إما مفعول ثان، أو حال على اختلاف القولين، قال إمام الشارحين: وهذا ليس من تتمة المستثنى؛ لأنَّ الحصر هو في قوله: (بأبي) فقط بقرينة ما تقدم من قولها: (بأبي، نعم) انتهى.

(تخرج) أي: لتخرج (العواتق) وهذا خبر متضمن للأمر؛ لأنَّ إخبار الشارع عن الحكم الشرعي متضمن للطلب، لكنه هنا للندب لدليل آخر، كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى، (وذوات) فيه ثلاث روايات؛ الأولى: بواو العطف، والثانية: بلا واو، ويكون صفة للـ (العواتق)، والثالثة: (ذات)؛ بالإفراد، فالأولى: رواية الحمُّوي وكريمة، والثانية: أبي ذر عن الكشميهني، والثالثة: رواية الأصيلي، (الخُدور) بضمِّ الخاء المعجمة، والدال المهملة، جمع خِدْر بكسر الخاء، وسكون الدال؛ وهو ستر يكون في ناحية البيت تقعد البكر وراءه، وقال ابن سيده: الخدر: ستر يمد للجارية في ناحية البيت، ثم صار كلما واراك (٤) من البيت ونحوه خدر، والجمع خدور، وأخدار، وأخادير جمع الجمع، والخدر: خشبات تنصب فوق قتب البعير مستورة بثوب، وهودج مخدور، ومخدَّر (٥)، وخدر، وقد أخدر الجارية، وخدرها، وتخدرت هي، واختدرت، وفي «المخصص» : الخدر: ثوب يمد في عرض الخباء، فتكون فيه الجارية البكر، وقيل: هو هودج، وقال ابن قرقول: سرير عليه ستر، وقيل: الخدر: البيت، كذا قرره إمام الشارحين، - (أو العواتق ذوات الخدور) على الشك- وأكثر النسخ بإسقاط الشك، وفي رواية أبي ذر عن الكشميهني، والأصيلي: (ذات الخدر) بغير واو فيهما؛ والمعنى: لتخرج الأبكار الشابة أصحاب التستر (والحُيَّض) بضمِّ الحاء المهملة، وتشديد المثناة التحتية، جمع حائض، وهو معطوف على (العواتق)، (وليشهدن) وفي رواية ابن عساكر: (ويشهدن) (المخير) أي: مجالس الخير؛ كمجلس وعظ ونحوه، قال في «عمدة القاري» : (وليشهدن) عطف على قوله: (يخرج العواتق).

فإن قلت: كيف يعطف الأمر على الخبر؟

قلت: الخبر من الشارع من الأحكام الشرعية محمول على الطلب، فمعناه: لتخرج العواتق وليشهدن) انتهى.

(ودعوة المسلمين) وفي رواية: (ودعوة المؤمنين) كالاجتماع لصلاة الاستسقاء ونحوه، (ويعتزلن) بلفظ الجمع على لغة (أكلوني البراغيث)، وفي رواية: (يعتزل)؛ بالإفراد (الحُيَّض) بضمِّ المهملة، وتشديد التحتية، جمع حائض (المصلى)؛ أي: مكان الصَّلاة، وهو المساجد؛ فإنهن


(١) في الأصل: (بيني)، وهو تحريف.
(٢) في الأصل: (بأبات)، وهو تحريف.
(٣) في الأصل: (أول)، وليس بصحيح.
(٤) في الأصل: (ورك)، وهو تحريف.
(٥) في الأصل: (محذور ومحدرز)، والمثبت موافق لما في «المحكم».

<<  <   >  >>