للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابن عمرو) أي: ابن العاصي (رضي الله عنهما: أن) بفتح الهمزة (رجلًا) هو أبو ذر؛ فليحفظ، (سأل النبي) الأعظم، وفي رواية: (رسول الله) (صلى الله عليه وسلم: أي) خصال (الإسلام خير؟ قال) وفي رواية: (فقال)؛ أي: النبي عليه السلام: (تطعم) الخلق (الطعام)، و (تطعم) محله رفع خبر مبتدأ محذوف؛ بتقدير: (أن)؛ أي: وهو أن تطعم الطعام، فـ (أن) مصدرية، والتقدير: هو إطعام الطعام، ولم يقل: تؤكِل الطعام ونحوه؛ لأنَّ لفظ الإطعام يشمل الأكل، والشرب، والإعطاء، (وتَقرأُ)؛ بفتح التاء وضم الهمزة: مضارع (قرأ)، (السلام على من عرفت ومن لم تعرف) من المسلمين، فلا تخص به أحدًا؛ تكبرًا وتجبرًا، بل عُمَّ به كل أحد؛ لأنَّ المؤمنين إخوة، وحذف العائد في الموضعين؛ للعلم به، والتقدير: على من عرفتَه ومن لم تعرفه، وإنَّما لم يقل: وتسلم؛ حتى يتناول سلام الباعث بالكتاب المتضمن للسلام.

(٧) [بابٌ من الإيمان أن يحبَّ لأخيه ما يحب لنفسه]

هذا (باب)؛ بالتنوين، وهو ساقط في رواية (من الإيمان أن يحب لأخيه) المسلم وكذا المسلمة مثل (ما) أي: الذي (يحب لنفسه).

[حديث: لا يومنُ أحدكمْ حتَّى يحبَّ لأخيهِ ما يحبُّ لنفسهِ]

١٣ - وبه قال: (حدثنا مُسَدَّد)؛ بضم الميم، وفتح السين، وتشديد الدال المهملتين: ابن مُسرهد [بن مسربل] بن مرعيل (١) بن أرندل بن سرندلبن عرندل (٢) بن ماسك بن مستورد (٣) الأسدي البصري، المتوفى في رمضان سنة ثلاث وعشرين ومئتين.

(قال: حدثنا يحيى) بن سعيد بن فَرُّوخ؛ بفتح الفاء، وتشديد الراء مضمومة، آخره خاء معجمة، غير منصرف؛ للعجمة والعلمية، القطان التميمي البصري المتوفى سنة ثمان وتسعين ومئة، (عن شعبة) بضم المعجمة؛ ابن الحجاج الواسطي البصري المتقدم، (عن قتادة) بن دِعامة- بكسر الدال- ابن قتادة السدوسي؛ نسبة لجده الأعلى، الأكمه البصري، التابعي، المتوفى بواسط سنة سبع عشرة ومئة، (عن أنس)؛ هو ابن مالك بن النضر -بالنون والضاد المعجمة-: الأنصاري النجَّاري، خادم رسول الله عليه السلام تسع سنين، آخر من مات من الصحابة بالبصرة سنة ثلاث وتسعين، (رضي الله عنه، عن النبي) الأعظم (صلى الله عليه وسلم)، ثم عطف على شعبة قوله: (وعن حسين)؛ بالتنوين: ابن ذكوان (المعلم) البصري (قال: حدثنا قتادة) بن دِعامة المتقدم؛ فكأنه قال: عن شعبة وحسين، كلاهما عن قتادة، وأفردها؛ تبعًا لشيخه، وليست طريقة حسين معلَّقة؛ بلموصولة؛ كما رواها أبو نُعيم، وما قيل: إن قتادة مدلس ولم يصرح بالسماع؛ مردود، فإنَّه صرح أحمد والنسائي في روايتهما بسماع قتادة له من أنس؛ فليحفظ.

(عن أنس) وفي رواية: (عن أنس بن مالك) (عن النبي) الأعظم (صلى الله عليه وسلم قال: لا يؤمن) وفي رواية: (أحدكم) وفي أخرى: (أحد)، وفي أخرى: (عبدٌ الإيمان الكامل) (حتى يحب لأخيه) المسلم وكذا المسلمة مثل (ما يحب لنفسه)؛ أي: الذي يحب لنفسه من الخير، وهذا وارد مورد المبالغة، وإلَّا فلا بد من بقية الأركان، ولم ينص على أن يبغض لأخيه ما يبغض لنفسه؛ لأنَّ حب الشيء مستلزم لبغض نقيضه، ويدخل في عموم (أخيه) الذميُّ؛ بأن يحب له الإسلام ويبغض له الكفر، ويؤيِّده حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله عليه السلام: «من يأخذ عني هؤلاء الكلمات فيعمل بهن أو يعلم من يعمل بهن؟ فقال أبو هريرة: قلت: أنا يا رسول الله، فأخذ بيدي فعدَّ خمسًا قال: «اتَّق المحارم؛ تكن أعبد الناس، وارض بما قسم لك؛ تكن أغنى الناس، وأحسن إلى جارك؛ تكن مؤمنًا، وأحب للناس ما تحب لنفسك؛ تكن مسلمًا...» الحديث، رواه الترمذي وغيره.

========

(١) في الأصل: (مرعيل)، والمثبت موافق لما في المصادر.

(٢) في الأصل: (عزندل)، والمثبت موافق لما في المصادر.

(٣) في الأصل: (مستودد)، والمثبت موافق لما في المصادر.

(٨) [بابٌ حبُّ الرسول من الإيمان]

(بابٌ) بالتنوين: (حب الرسول) الأعظم نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم من الإيمان).

[حديث: فوالذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكونَ أحبَّ إليه]

١٤ - وبه قال: (حدثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع المتقدم (قال: أخبرنا شعيب) بن أبي حمزة الحمصي، (قال: حدثنا) وفي رواية: (أخبرنا) (أبو الزِّناد)؛ بكسر الزاي وبالنون: عبد الله بن ذكوان المدني، القرشي، التابعي، المتوفى سنة ثلاثين ومئة، (عن الأعرج) أبي داود عبد الرحمن بن هرمز التابعي المدني القرشي، المتوفى بالإسكندرية سنة سبع عشرة ومئة على الأصح، (عن أبي هريرة) نقيب أهل الصُّفَّة (رضي الله عنه: أن) بفتح الهمزة (رسول الله) وفي رواية: (عن النبي) أي: الأعظم (صلى الله عليه وسلم قال: فو) الله (الذي) بالفاء، وفي رواية: (والذي) (نفسي) أي: روحي (بيده)؛ أي: بقدرته، أو هو من المتشابه المفوَّض علمه إلى الله تعالى، والأول أعلم، والثاني أسلم.

وروي عن إمامنا رئيس المجتهدين الإمام الأعظم -وحيث أطلق لا يراد به إلَّا أبو حنيفة النعمان رضي الله تعالى عنه، وأسكنه في أعلى الجنان- يلزم من تأويلها بالقدرة عين التعطيل، فالسبيل إليه كأمثاله: الإيمان به على ما أراد سبحانه، ونكف عن الخوض في تأويله فنقول: له يد على ما أراد لا كيَد المخلوق؛ وهكذا، انتهى.

وأقسم تأكيدًا، وفيه إشارة إلى جواز القسم على الأمر المهم للتأكيد وإن لم يكن هناك مستحلِف، والمقسَم عليه هنا قوله: (لا يؤمن أحدكم)؛ أي: لا يجد حلاوة الإيمان (حتى أكون أحب إليه) (أفعل) تفضيل بمعنى المفعول، وهو هنا مع كثرته -على غير قياسٍ- منصوب خبرًا لـ (أكون)، وفصل بينه وبين معموله بقوله: (إليه)؛ لأنَّه يتوسع في الظرف ما لا يتوسع في غيره، (من والده) أبيه؛ أي: وأمه، وإنَّما خصَّ الأب واكتفى به؛ لما أنه يعلمه طريق الحق المستقيم، والاختلاط بالأولياء، والعلماء، والصالحين، وأحكام الله تعالى، بخلاف الأم، فهو أحق بالمحبة من الأم؛ فلذا اكتفى عليه السلام به، (وولده) ذكرًا أو أنثى، وعند النسائي: قدم الولد على الوالد؛ وذلك لمزيد الشفقة والرحمة، وأنه بضعة منه، وأنه يخلفه في داره، وعرضه، وماله، ويدعوله بعد موته، فهي صدقة جارية، فلا شك في كونه محبوبًا.

[حديث: لا يؤمنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليه من والده]

١٥ - وبه قال: (حدثنا) وفي رواية: (أخبرنا) (يعقوب) أبو يوسف (بن إبراهيم) بن كثير الدورقي العبدي المتوفى سنة اثنتين وخمسين ومئتين (قال: حدثنا ابن عُلَيَّة)؛ بضم العين المهملة، وفتح اللام، وتشديد المثناة تحت؛ نسبة إلى أمه، واسمه: إسماعيل بن إبراهيم بن سهم البصري الأسدي، أسد خزاعة، الكوفي الأصل، المتوفى ببغداد سنة أربع وتسعين ومئة، (عن عبد العزيز بن صُهَيْب)؛ بضم الصاد المهملة، وفتح الهاء، وسكون المثناة تحت، آخره موحدة: البُناني؛ بضم الموحدة وبالنون؛ نسبة إلى (بنانه)؛ بطن من قريش، التابعي كأبيه، (عن أنس) وفي رواية: (ابن مالك)، (عن النبي) الأعظم، وفي رواية: (عن أنس قال: قال النبي)؛ أي: الأعظم (صلى الله عليه وسلم)، ولفظ متن هذا السند؛ كما رواه ابن خزيمة عن يعقوب بهذا الإسناد: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من أهله وماله).

(ح) علامة للتحويل: (وحدثنا آدم) بن أبي إياس بالواو، عطف على السند السابق، العاري عن المتن، الموهمة لاستواء السندين في المتن الآتي، وليس كذلك؛ فليحفظ، (قال: حدثنا شعبة) بن الحجاج، (عن قتادة) بن دِعامة، (عن أنس) أنه (قال: قال النبي) الأعظم، وفي رواية: (قال رسول الله) (صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم)؛ أي: لا يجد حلاوة الإيمان (حتى أكون أحبَّ) بالنصب (إليه من والده) أبيه وأمه أو أعم (وولده) ذكرًا أو أنثى (والناس أجمعين)؛ هذا من باب عطف العام على الخاص، وتدخل النفس في عموم الناس؛ لما يأتي في حديث عبد الله بن هشام من التنصيص على ذكر النفس، والمراد هنا: المحبة الإيمانية؛ وهي اتباع المحبوب، لا الطبيعية، ومن ثم لم يحكم بإيمان أبي طالب مع حبه له عليه السلام، على ما لا يخفى.

(٩) [بابُ حلاوةِ الإيمان]

هذا (باب حلاوة الإيمان) والمراد: أن الحلاوة من ثمراته؛ فهي أصل زائد عليه، وسقط لفظ (باب) عند الأصيلي.

[حديث: ثلاثٌ من كنَّ فيه وجد حلاوةَ الإيمان]

١٦ - وبه قال: (حدثنا محمد بن المثنى) بالمثلثة ابن عبيد العنَزي؛ بفتح النون بعدها زاي؛ نسبة إلى عنَزة بن أسد؛ حي من ربيعة، البصري، المتوفى بها سنة اثنتين وخمسين ومئتين، (قال: حدثنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد بن الصلت (الثقفي) بالمثلثة، بعدها قاف، ثم فاء؛ نسبة إلى ثقيف، البصري، المتوفى سنة أربع وتسعين ومئة.

(قال: حدثنا أيوب) بن أبي تميم، واسمه: كيسان السختياني؛ بفتح المهملة؛ نسبة لبيع السختيان؛ وهو الجلد، البصري، المتوفى بها سنة إحدى وثلاثين ومئة.

(عن أبي قِلابة)؛ بكسر القاف وبالموحدة: عبد الله بن زيد بن عمرو أو عامر، البصري المتوفى بالشام سنة أربع ومئة، (عن أنس) وفي رواية: (ابن مالك) (رضي الله عنه عن النبي) الأعظم (صلى الله عليه وسلم) أنه (قال: ثلاث)؛ أي: ثلاث خصال، مبتدأ خبره جملة (من كن فيه؛ وجد)؛ أي: أصاب (حلاوة الإيمان)؛ ولذلك اكتفى بمفعول واحد، والمراد بـ (حلاوة الإيمان) : استلذاذه بالطاعات وانشراح الصدر لها؛ بحيث يخالط لحمه ودمه، فيتنور وجهه، ويحصل له التوفيق الإلهي، فيترك المنهيات ويفعل المأمورات؛ (أن يكون الله) تعالى (ورسوله) عليه السلام (أحب) أفرد الضمير فيه؛ لأنَّه أفعل تفضيل، وهو إذا وُصل بـ (من) أفرد دائمًا (إليه مما) إنَّما قال: (مما) ولم يقل: (ممن)؛ ليعم العاقل وغيره، (سواهما) عبر بالتثنية؛ إشارة إلى أن المعتبر: هو المجموع المركب من المحبتين، لا كل واحدة منهما؛ فإنَّها وحدها لاغية إذا لم تربط بالأخرى، ولا يعارض تثنية الضمير هنا بقصة

<<  <   >  >>