للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

من الصحابيات أنهن سألن كسؤال أم سليم؛ منهن: خولة بنت حكيم، أخرجه ابن ماجه، وبسرة، ذكره ابن أبي شيبة، وسهلة بنت سهيل، رواه الطبراني، والأحاديث فيه عن أم سلمة وعائشة وأنس، ولم يخرج المؤلف غير حديث أم سلمة، وأخرج مسلم أحاديث الثلاثة، فيحتمل حضورهن معًا في هذه القصة، ويحتمل تعدد القصة والله أعلم.

وفي الحديث: إثبات أن المرأة لها ماء.

وفيه: إثبات القياس وإلحاق النظير بالنظير، وقد بين في «عمدة القاري» مذهب الشافعي وأوضحه؛ لغلط جماعة من الشافعية فيه؛ فراجعه إن شئت.

[حديث: إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها.]

١٣١ - وبه قال: (حدثنا إسماعيل) : بن أبي أويس، ابن أخت مالك الإمام، (قال: حدثني)؛ بالإفراد (مالك) : الإمام (عن عبد الله بن دينار) : القرشي العدوي، (عن عبد الله بن عمر) : بن الخطاب رضي الله عنهما (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن من الشجر)؛ أي: من جنسه، (شجرة)؛ بالنصب اسم (إن)، وخبرها: الجار والمجرور، (لا يسقط ورقها) : صفة لـ (شجرة)، (وهي) : وللأصيلي: بحذف الواو، (مَثَلُ المسلم)؛ بفتح الميم والمثلثة، وفي رواية: (مِثْل) بكسر الميم وسكون المثلثة، (حدِّثوني ما هي؟) مبتدأ وخبر، والجملة سدَّت مسدَّ المفعولين، (فوقع الناس في شجر البادية)، فبعضهم يقول: شجرة كذا، وبعضهم يقول: شجرة كذا، (ووقع في نفسي أنها النخلة، قال عبد الله: فاستحييت) أن أقول أنها النخلة؛ لأنَّ في القوم من هو أكبر مني، كأبي بكر وعمر، (فقالوا)؛ أي: الصحابة، وفي رواية: (قالوا) : (يا رسول الله؛ أخبرنا بها)؛ أي: أعلمنا بهذه الشجرة.

(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي النخلة) مبتدأ وخبر، والجملة: مقول القول، (قال عبد الله: فحدثت أبي) عمر بن الخطاب، (بما)؛ أي: بالذي (وقع في نفسي) من أنَّها النخلة، (فقال: لَأن)؛ بفتح اللام موطئة للقسم المقدر، (تكون قلتها) : بالماضي مع قوله (تكون) (١) المضارع؛ لأنَّ الغرض منه لأنَّ تكون (٢) في الحال موصوفًا بهذا القول الصادر في الماضي، (أحب)؛ بالمهملة بالرفع: خبر المبتدأ المنسبك من (أن) وصلتها، (إليَّ من أن يكون لي كذا وكذا)؛ أي: من حمر النعم وغيرها، ولفظ (كذا) موضوع للعدد المبهم، وهو من الكنايات، وفي تمني عمر أن يجاوب ابنه النبيَّ الأعظم عليه السلام بما وقع في نفسه فيه من القصة: أن الرجل يباح له الحرص على ظهور ابنه في العلم على الشيوخ وسروره بذلك.

وقيل: إنَّما تمنى ذلك رجاء أن يسر النبي الأعظم عليه السلام بإصابته، فيدعو له.

وفيه: أن الابن الموفق العالم أفضل مكاسب الدنيا؛ لقوله: (لأن تكون...) إلخ، ولقول النبي الأعظم عليه السلام: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له»، وقد كان ابن عمر يمكنه إذا استحى ممن هو أكبر منه أن يذكر ذلك لغيره سرًا؛ ليخبر به عنه، فيجمع بين المصلحتين، فاستلزم حياؤه تفويت ذلك.

(٥١) [باب من استحيا فأمر غيره بالسؤال]

هذا (باب من استحى) من الشيخ أن يسأل منه بنفسه، (فأمر غيره بالسؤال) من الشيخ العالم.

[حديث علي: كنت رجلًا مذاء فأمرت المقداد أن يسأل النبي]

١٣٢ - وبه قال: (حدثنا مسدد) بن مسرهد (قال: حدثنا عبد الله بن داود) بن عامر بن الربيع الخُريْبي نسبة إلى خُريْبة؛ بضم الخاء المعجمة، وفتح الراء، وسكون التحتية، وفتح الموحدة: محلة بالبصرة، الهمداني، الكوفي الأصل، المتوفى سنة ثلاث عشرة ومئتين.

(عن الأعمش) سليمان بن مهران، (عن مُنْذر)؛ بضم الميم، وسكون النون، وكسر الذال المعجمة: بن يَعلى؛ بفتح التحتية، وسكون العين المهملة، وفتح اللام، (الثوري)؛ بالمثلثة، الكوفي الثقة، (عن محمد بن الحنفية)؛ أي: محمد بن علي بن أبي طالب الهاشمي، أبو القاسم، والحنفية: أمه، وهي خولة بنت جعفر الحنفي اليمامي، وكانت من سبي بني حنيفة، ولد لسنتين بقيا من خلافة عمر رضي الله عنه، المتوفى سنة ثمانين، أو إحدى وثمانين، أو أربع عشرة ومئة، ودفن باليقيع.

(عن) أبيه (علي) الصديق الأصغر، وللأصيلي زيادة: (ابن أبي طالب) (قال) علي: (كنت رجلًا)؛ بالنصب خبر (كان)، (مذَّاءً)؛ بالنصب صفته على وزن (فَعَّال)؛ بالتشديد؛ للمبالغة في كثرة المذي، والمَذْيُّ؛ بفتح الميم، وسكون الذال المعجمة، وبكسر الذال، وتشديد الياء التحتية، وبكسر الذال، وتخفيف الياء التحتية؛ وهو الماء الرقيق الذي يخرج عند الملاعبة ولا يعقبه فتور، وربما لا يحس بخروجه، وهو في النساء أكثر منه في الرجال، والوَدْي؛ بفتح الواو وسكون الدال المهملة: البلل اللزج، يخرج من الذكر بعد البول؛ أي: عقبه، (فأمرت المِقْداد)؛ بكسر الميم وسكون القاف وبالمهملتين: بن عمرو بن ثعلبة البهراني الكندي، ويقال له: ابن الأسود؛ لأنَّ الأسود بن عبد يغوث ربَّاه، أو تبنَّاه، أو حالفه، أو تزوج بأمِّه، وهو قديم الصحبة من السابقين في الإسلام، وسادس ستة، شهد بدرًا، المتوفى بالجرف، وهو على عشرة أميال من المدينة، ثم حمل على رقاب الرجال إليها سنة ثلاث وثلاثين في خلافة عثمان رضي الله عنه، عن سبعين سنة.

(أن يسأل)؛ أي: بأن يسأل، فـ (أن) مصدرية، (النبي) الأعظم (صلى الله عليه وسلم)؛ أي: بالسؤال منه عليه السلام، (فسأله) عن حكم المذي، (فقال) النبي الأعظم عليه السلام: (فيه)؛ أي: في المذي، (الوضوء) لا الغسل، فيجب بخروجه الوضوء، ويجب غسله؛ لأنَّه نجس، وهذا بالإجماع إلا في رواية عن أحمد أنه أوجب الغسل، والحديث حجة عليه.

وأطلق إمامنا الإمام الأعظم والشافعي في ذلك؛ أي: سواء كان خروجه عن ملاعبة أو استنكاح أو غيره، وقيده مالك بما كان عن ملاعبة، فإن كان عن استنكاح أو علة؛ فلا وضوء فيه، وإطلاق الحديث يردُّه، وما استدل به من أن السؤال كان عن الخارج على وجه اللذة؛ لقوله في حديث: «إذا دنى من أهله» فيه نظر؛ لأنَّ السؤال مطلق، ففي «الصحيح» : سأله عن المذي يخرج من الإنسان كيف يفعل به؟ قال: «اغسل ذكرك وتوضأ»، فلا فرق بين المعتاد وغيره، كما دلت عليه الأحاديث الصحاح.

واستدل بهذا الحديث على جواز الاعتماد على الخبر المظنون مع القدرة على المقطوع، وهو خطأ، ففي «النسائي» وغيره: أن السؤال وقع على حاضر، وكذا في «الموطأ» كما أوضحه في «عمدة القاري».

وفي الحديث: استحباب حسن المعاشرة مع الأصهار، وأن الزوج ينبغي ألَّا يذكر ما يتعلق بالجماع والاستمتاع بحضرة أبوي المرأة، وأختها، وغيرهما من أقاربها؛ لأنَّ المذي يكون غالبًا عند ملاعبة الزوجة، ولهذا ترك علي السؤال وأمره غيره، وفي بعض الروايات: (أمر عمار بن ياسر)، وفي بعضها: أنه سأل بنفسه، فيحتمل أنه أرسلهما، ثم سأل بنفسه وتمامه في «عمدة القاري».

(٥٢) [باب ذكر العلم والفتيا في المسجد]

هذا (باب) جواز (ذكر العلم والفِتيا)؛ بكسر الفاء، -والفَتوى؛ بفتحها- جواب حكم الحادثة، (في المسجد) وإن ذلك إلى رفع الصوت.

[حديث: يهل أهل المدينة من ذي الحليفة]

١٣٣ - وبه قال: (حدثنا)؛ بالجمع، وفي رواية: بالإفراد (قُتيبة)؛ بضم القاف، وفي رواية زاد: (ابن سعِيد)؛ بكسر العين، (قال: حدثنا الليث)، زاد في رواية: (ابن سعد)، (قال: حدثنا نافع) بن سَرْجَس؛ بفتح السين المهملة، وسكون الراء، وكسر الجيم، آخره سين أخرى، وهو (مولى عبد الله بن عمر بن الخطاب) : أصله من المغرب، أو من نيسابور، أو من سبي كابل، أو من جبال طالقان، أصابه عبد الله بن عمر في بعض غزواته وبعثه عمر بن عبد العزيز إلى مصر يعلمهم السنن، المتوفى بالمدينة سنة سبع عشرة ومئة.

(عن عبد الله بن عمر) بن الخطاب رضي الله عنهما (أن رجلًا)، قال في «عمدة القاري» : لم أقف على اسمه، (قام في المسجد)؛ أي: النبوي في محل رفع خبر (إن)، (فقال: يا رسول الله؛ من أين) : استفهام عن المكان (تأمرنا أن نُهِلَّ)؛ أي: بأن نهل، و (أن) مصدرية، والتقدير: بالإهلال، وهو رفع الصوت بالتلبية في الحج والمراد به هنا الإحرام مع التلبية، فالسؤال عن موضع الإحرام، وهو الميقات المكاني.

(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يُهِلُّ)؛ بضم أوله؛ أي: يحرم (أهل المدينة) : جملة وقعت مقول القول (من) ابتدائية؛ أي: ابتداء إهلالهم من (ذي الحُلَيفة)؛ بضم الحاء المهملة وفتح اللام، تصغير الحلَفة؛ باللام المفتوحة؛ كالقصبة


(١) في الأصل: (يكون).
(٢) في الأصل: (يكون).

<<  <   >  >>