للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أُسامة)؛ بضم الهمزة: هو حماد بن أسامة بن يزيد، الهاشمي القرشي، الكوفي، المتوفى سنة إحدى ومئتين عن ثمانية سنة، (عن هشام) : هو ابن عروة، (عن أبيه) : هو عروة بن الزبير بن العوام: (أن عُمر) بضم العين المهملة (بن أبي سَلَمَة)؛ بفتحات: هو عبد الله المخزومي (أخبره) أي: أخبر عروة (قال: رأيت) أي: أبصرت (النبيَّ) الأعظم، وفي أكثر الروايات: (رسول الله) (صلَّى الله عليه وسلَّم)؛ بالنصب مفعول أول، وجملة قوله: (يصلي)؛ أي: الصلاة النافلة؛ لأنَّها لا تؤدى إلا في البيت (في ثوب واحد) من أثوابه، جملة فعلية محلها النصب على أنها مفعول ثان (١) (مشتملًا به)؛ بالنصب على الحال من (النبي)؛ أي: خالف بين طرفيه على منكبيه، وهذه رواية الأكثرين، وفي رواية المستملي والحموي: (مشتمل)؛ بالجر أو الرفع، ووجه الجر للمجاورة، ووجه الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف؛ والتقدير: وهو مشتمل به، قاله إمام الشَّارحين الإمام بدر الدين العيني، وتبعه ابن حجر، والزركشي، واعترضهم الدماميني فقال: (الأولى أن يجعل صفة لـ «ثوب»)، ثم أورد سؤالًا، فقال: (فإن قلت: لو كان؛ لبرز الضمير لجريان الصفة على غير من هي له؟ قلت: ومذهب الكوفيين قاطبة: أنه لا يجب إبراز الضمير عند أمن اللبس، ووافقهم ابن مالك، ومذهبهم في المسألة أقوى، واللبس في الحديث منتف) انتهى.

قيل: وفي رواية أبي ذر: (مشتمل)؛ بالرفع خبر مبتدأ محذوف، كما ذكرناه عن إمام الشَّارحين.

(في بيت أم سَلَمَة)؛ بفتحات، هند بنت أبي أمية، وهو ظرف لقوله: (يصلي)، وإمَّا للاشتمال، وإمَّا لهما جميعًا، كذا في «عمدة القاري (واضعًا) بالنصب على الحال (طرفيه)؛ بالتثنية؛ أي: طرفي الثوب (على عاتقيه)؛ تثنية عاتق: وهو موضع الرداء من المنكب، وقد خالف بينهما، وهذا هو الالتحاف: الذي هو التوشح والاشتمال على المنكبين، قال ابن بطال: (التوشح: نوع من الاشتمال تجوز الصلاة به، والفقهاء مجمعون على جواز الصلاة في ثوب واحد، وروي عن ابن مسعود خلاف ذلك) انتهى.

قلت: وكلامه مغلق لا يشفي العليل، وقد بينه إمام الشَّارحين رضي الله عنه حيث قال: (قلت: ذهب طاووس، وإبراهيم النخعي، وأحمد في رواية، وعبد الله بن وهب من أصحاب مالك، ومحمد بن جرير الطبري: إلى أن الصلاة في ثوب واحد مكروهة إذا كان قادرًا على ثوبين، وإن لم يكن قادرًا إلا على ثوب واحد؛ يكره أيضًا أن يصلي به ملتحفًا مشتملًا به، بل السنة أن يأتزر به، واحتجوا في ذلك بما رواه الحافظ أبو جعفر الطحاوي قال: حدثنا ابن أبي داود قال: حدثنا زهير بن عباد قال: حدثنا حفص بن ميسرة، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «إذا صلى أحدكم؛ فليلبس ثوبيه، فإن الله أحق من أن يزين له، فإن لم يكن له ثوبان؛ فليتزر إذا صلى، ولا يشتمل أحدكم في صلاته اشتمال اليهود»، ورواه أيضًا البيهقي، وذهب جمهور أهل العلم من الصحابة والتابعين: إلى أن الصلاة في الثوب الواحد تجوز من غير كراهة، والذين ذهبوا إلى ذلك من الصحابة وهم: ابن عباس، وأبو هريرة، وأبو سعيد الخدري، وعلي بن أبي طالب، ومعاوية بن أبي سفيان، وأنس بن مالك، وخالد بن الوليد، وجابر بن عبد الله، وعمار بن ياسر، وأُبي بن كعب، وعائشة، وأسماء، وأم هانئ رضي الله عنهم أجمعين، ومن التابعين: الإمام الأعظم أبو حنيفة، والحسن البصري، ومحمد بن سيرين، والشعبي، وسعيد بن المسيِّب، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، ومحمد بن الحنفية، وعطاء بن أبي رباح، وعكرمة رضي الله عنه، ومن الفقهاء: الإمام أبو يوسف، والإمام محمد بن الحسن، ومالك بن أنس، ومحمد بن إدريس، وأحمد في رواية، وإسحاق ابن راهويه، وآخرون، واحتجوا على ذلك بالأحاديث المذكورة في هذا الباب).

وقال الحافظ أبو جعفر الطحاوي: (تواترت الأحاديث وتتابعت بجواز الصلاة في الثوب الواحد متوشحًا به في حال وجود غيره من الثياب، وأخرج في ذلك عن أحد عشر صحابيًّا؛ وهم: أبو هريرة، وطلق بن علي، وجابر بن عبد الله، وابن عمر، وعمرو بن أبي سلمة، وسلمة ابن الأكوع، وابن عباس، وأُبي بن كعب، وأبو سعيد الخدري، وأنس بن مالك، وأم هانئ رضي الله عنهم).

ولما أخرج الترمذي حديث عمر بن أبي سلمة في (الصلاة في ثوب واحد)؛ قال: (وفي الباب أحاديث عن عائشة، وعمرو بن أبي أسد، وكيسان، وعمار بن ياسر، وعبادة بن الصامت رضي الله عنهم).

قال الشَّارح: (قلت: وفي الباب أيضًا عن حذيفة، وعبد الله بن أبي أمية، وعبد الله بن أنيس، وعبد الله بن سرجس، وعبد الله بن عبيد الله بن المغيرة المخزومي، ومعاذ بن جبل، ومعاوية بن أبي سفيان، وأبي أمامة، وأبي عبد الرحمن حاضن عائشة، وأم حبيبة، وأم الطفيل)، ثم قال: (فحديث أبي هريرة عند البخاري وأبي داود، وحديث طلق بن علي عند الحافظ الطحاوي وأبي داود، وحديث جابر عند الطحاوي والبزار، وحديث ابن عمر عند الطحاوي، وحديث عُمر بن أبي سلمة عند البخاري وغيره، وحديث سلمة ابن الأكوع عند الطحاوي وأبي داود، وحديث أم هانئ عند البخاري، وحديث ابن عباس عند الطحاوي، وحديث أُبي بن كعب عند الطحاوي وابن أبي شيبة، وحديث أبي سعيد الخدري عند الطحاوي وابن ماجه، وحديث أنس بن مالك عند الطحاوي وأحمد ابن حنبل، وحديث عمرو بن أبي أسد عند البغوي و «معجم الصحابة»، والحسن بن سفيان في «مسنده»، وحديث كيسان عند ابن ماجه، وحديث عائشة عند أبي داود، وحديث عمار بن ياسر عند الطبراني، وحديث عبادة بن الصامت عند الطبراني في «الكبير»، وحديث حذيفة عند أحمد، وحديث عبد الله بن أبي أمية عند الطبراني في «الكبير»، وحديث عبد الله بن أنيس عند الطبراني أيضًا، وحديث عبد الله بن سرجس عنده أيضًا، وحديث عبد الله بن عبيد الله المغيرة عند أحمد، وحديث علي بن أبي طالب عند الطبراني، وحديث معاذ عنده أيضًا، وحديث معاوية عنده أيضًا، وحديث أبي أمامة عنده أيضًا، وحديث عبد الرحمن حاضن عائشة عنده أيضًا في «الأوسط»، وحديث أم حبيبة عند أحمد، وحديث أم الفضل عنده أيضًا).

قال الشَّارح: (فمن أراد أن يقف على متون أحاديثهم بأسانيدها؛ فعليه بشرحنا «شرح معاني الآثار»، وأمَّا الجواب عما احتجت به الطائفة الأولى من حديث عبد الله بن عمر؛ فهو أن ابن عمر نفسه قد روى عن النبيِّ الأعظم صلَّى الله عليه وسلَّم إباحة الصلاة في الثوب الواحد، أخرجه الحافظ


(١) في الأصل: (ثاني)، ولعل المثبت هو الصواب.

<<  <   >  >>