ولما رجع الملك الظاهر إلى حلب ذهب معه إليها جماعة من الأمراء الصلاحية، منهم: فارس الدين ميمون القصرى، وسرا سنقر، وألبكى الفارس.
فأقطع الملك الظاهر ميمون القصرى عزاز وأماكن أخرى، وحمل إليه ثمانين ألف درهم، وخلعا كثيرة له ولأصحابه، وعشرة أرؤس من الخيل العراب، وعشر بغلات، وعشر زرديات، ومائة ثوب ألوانا، وحمل إلى ألبكى وأسد الدين سرا سنقر دون ذلك، فلم تطب قلوبهما به.
ثم قصد الملك الظاهر منبج، وكان الملك الفائز بن الملك العادل قد قصدها في غيبته وملكها، فاستعادها وخرّب سورها وقلعتها، ونقل ذخائرها إلى حلب وأقطعها عماد الدين بن المشطوب.
وفى هذه السنة أنفذ قراقوش - نائب شمس الدين بن المقدم بأفامية - إلى الملك الظاهر يبذل له أفامية، بشرط أن يعطى شمس الدين إقطاعا يقوم به، وكان بتقرير بينه وبين شمس الدين.
فأجاب الملك الظاهر إلى ذلك، وأقطعه الراوندان، وكفر طاب ومفردة المعرّة، وحلف له على ذلك وتسلم أفامية.
ثم في هذه السنة هرب شمس الدين إلى قلعة الرواندان وعصى بها، فقصده الملك الظاهر واستنزله منها، وأخذ كل ماله من الأموال والذخائر، فقصد بدر الدين دلدرم - صاحب تل باشر - (٣٨ أ) مستشفعا به إلى الملك الظاهر في أن يعيد إليه ما أخذ منه، فلم يجد استشفاعه شيئا، فقصد الملك العادل فأقطعه إقطاعا وأحسن إليه.