وفى أرض تكريت أنيخت ضحى ... وقد نفى النوم عنها وجدها وادّكارها
وجاءت إلى المستعصمية وانثنت ... إلى العقر والأشواق تضرم نارها
وفى الموصل الجدباء قيل لها ابشرى ... بأن ليالى البعد آن انحسارها
وشامت بروقا في نصيبين أو مضت ... فاسعر نيران الغرام استعارها
وأمست بنا في ماردين ووجدها ... يزيد وينمو إذ يقل اصطبارها
وأمت صباحا رأس عين حثيثة ... إلى أن علا شمس النهار اصفرارها
وجاءت بنا جلاّب حران سرّعا ... وأمسى إلى شط الفرات ابتدارها
وفى حلب الشهباء أضحى مقرها ... وطىّ الفيافى سؤلها واختيارها
عساها إذا ما فارقت حلبا بنا ... تقر بقنسرين منها قرارها
وتأتى إلى أرض المعرة والمنى ... تبشرها أن قد تدانت ديارها
وتصبح في أوطانها مستقرة ... وقد زال عنها بؤسها وضرارها
وسمعنا في حلب وقوع الصلح بين السلطان الملك الصالح نجم الدين، وعمه الملك الصالح عماد الدين، والملك المنصور صاحب حمص على إقامة الخطبة لصاحب مصر والسكة، واتفاقهم على الملك الناصر داود على ما سنذكره.
ذكر دخول التتر بلاد الروم
وكسرهم غياث الدين وعسكره
قد ذكرنا تحرك التتر في السنة الماضية، وقصدهم جهة بلاد الروم (١).
فلما تحقق السلطان غياث الدين ذلك، أخذ في جمع العساكر والأجناد للقائهم.
وسيّر شمس الدين الأصفهانى نائبه، فأصلح كما ذكرنا بين عسكر السلطان الملك الناصر
(١) انظر ما سبق، ص ٣١٠.