[ذكر مفارقة الأمير صارم الدين قايماز النجمى الملك الأفضل]
كان الأمير صارم الدين قايماز النجمى من أكبر أمراء الدولة الصلاحية، وهو مملوك نجم الدين أيوب بن شاذى والد الملوك، فاستوحش من الملك الأفضل لإعراض وجده منه، فمضى مغاضبا إلى إقطاعه بالسواد، فسيرّ إليه الملك الأفضل رسولا يستعطفه ويسترضيه، فأتاه الرسول، وخان في الرسالة، وسوّل له العصيان وحمله عليه، وأوهمه أنه إنما قال ذلك نصحا له، وما كان قصد الرسول إلا إبعاده، فازدادت بذلك وحشة صارم الدين، ثم عاد الرسول من عنده (٨ ب) وبلّغ الملك الأفضل عنه ما أوحشه، ثم سلاّه عنه بأن قال:«الآن ملكت قياد ملكك، وخلصت من تحكمه، وغنمت إقطاعه، فأنت تعطيه لأضعاف رجاله».
وكان مقصود هذا القائل أن ينفرد بالملك (١) الأفضل من غير مزاحم، ثم انحاز صارم الدين إلى الملك العزيز وصار من جملة أصحابه.
ولما تحقق الملك الأفضل أن الملك العزيز قاصده، مال إلى مرضاته وقال:
«إن كان قصد أخى من محاربتى أن تكون الخطبة والسكة باسمه فأنا أجيب إلى ذلك وأتبع رضاه»، فأنكر عليه أصحابه - وخصوصا وزيره ضياء الدين ابن الأثير - وقالوا له:«الله، الله، لا يقوم هذا بخاطرك، وابذل ما عندك من الأموال وقوّ بها عساكرك، ولا تدخل تحت الضيم، ونحن بين يديك كما تحب، وأنت الأكبر من أولاد السلطان، وأولى منه بالخطبة والسكّة».