للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأنا ما أقاتلكم إلا بجندكم»، وكان قد هرب إليه جماعة من الأجناد فخافوا من مخامرة الأمراء عليهم إذا لقوه، فأشار الوزير جمال الدين بالصلح، وقال: «نحن نظهر للسلطان والخليفة أننا تبع لنور الدين، ونور الدين يظهر للفرنج أنه يحكمنا، ويتهددهم بنا، فإن كاشفناه وحاربناه، فإن ظفر بنا طمع فينا السلطان، وإن ظفرنا به طمع فيه الفرنج، ولنا بالشام حمص، وله عندنا سنجار، فهذه أنفع لنا من تلك، وتلك أنفع له من هذه، والرأى تسليم حمص إليه، وأخذ سنجار منه». فاتفق رأى الجماعة على ذلك، وسار جمال الدين إلى نور الدين، فأبرم معه الأمر، وتسلم حمص، وسلّم سنجار إلى أخيه، وعاد نور الدين إلى الشام، فأخذ ما كان له بسنجار من المال.

ولما تسلّم قطب الدين سنجار أقطعها لزين الدين على كوجك، واتفقت كلمتهم، واتحدت آراؤهم، وطلب نور الدين جمال الدين فامتنع، واعتذر باحتياج قطب الدين إليه، واستغنى نور الدين عنه برأيه ومعرفته، فأطلق له نور الدين عشرة آلاف دينار كل سنة تحمل إليه ليصرفها في مصالحه، فكان نائبه بالشام يقبضها كل سنة، ويشترى له بها أسرى من الفرنج ويطلقهم.

[ذكر قتل البرنس صاحب أنطاكية وكسرة الفرنج]

وفى هذه السنة - سنة أربع وأربعين وخمسمائة - قصد نور الدين الدين بن زنكى - رحمه الله - حصن حارم - وهو للفرنج - فخرّب ربضه، ونهب سواده، ثم رحل إلى إنّب (١) فحاصره، فحشد البرنس صاحب أنطاكية (٢)، فلقيه نور الدين.


(١) في الأصل: «انت» وقد صححت وضبطت بعد مراجعة ابن القلانسى، وذكر ياقوت إنها حصن من أعمال عزاز من نواحى حلب.
(٢) هو «ريمون دى بواتييه».

<<  <  ج: ص:  >  >>