للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر تخريب البيت المقدس]

لما اشتدت مضايقة الفرنج لثغر دمياط، وأشرفت على الأخذ خاف الملك المعظم شرف الدين [عيسى بن الملك العادل (١)] صاحب دمشق أن تصل من البحر أمم عظيمة من الفرنج، إذا سمعوا بقوة أصحابهم وتمكنهم من الديار المصرية، والملك الكامل مشغول بمحاربة من بديار مصر من الفرنج، فيقصدون البيت المقدس، وهو عامر فيملكونه، ولا يمكن بعد ذلك استنقاذه منهم. فتقدم بخراب [أبراج البيت المقدس وأسواره (٢)]، وكانت قد صارت في غاية العظمه والوثاقة، فإنه من حين استنقذه الملك الناصر صلاح الدين - رحمه الله - من الفرنج، ما زالت فيه العمارة قائمة، فكان كل برج من أبراجه نظير قلعة. فجمع له الحجارين والنقابين، وعلّق أسواره وأبراجه فهدمها ما خلا برج داود عليه السلام فإنه أبقاه. ولما هدمت أسواره انتقل عنه أكثر المقيمين به، وكان فيه خلق لا يحصون، فلم يبق فيه إلا القليل من الناس. ثم تقدم [الملك المعظم (٣)] بنقل ما كان فيه من الزرد خاناه (٤) وآلات القتال وغير ذلك، فعظم على المسلمين خرابه، وتأسفوا عليه غاية الأسف.

[ذكر استيلاء الفرنج على ثغر دمياط]

ولم يزل الفرنج يضايقون دمياط، ويقاتلون أهلها بجميع آلات القتال حتى نفد ما عند أهلها من الأقوات، واشتد الغلاء بها جدا، واشتد بأهلها الجوع حتى مات أكثرهم وعجزوا عن الحركة والمدافعة. ووصل إلى الفرنج نجد


(١) أضيف ما بين الحاصرتين من أبى الفدا (المختصر، ج ٣، ص ١٢٢.).
(٢) في الأصل «أسواره وأبراجه» والصيغة المثبتة من نسخة س.
(٣) أضيف ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(٤) أنظر ما سبق من هذا الكتاب (ابن واصل، ج ٢ ص ٣٥٧ حاشية ٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>