للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القاضى بهاء الدين:

" ما رأيت من نقّصهم عن ذلك، ورأيت من حزرهم بزيادة على ذلك، ومددهم من البحر متصل غير منقطع، وجرى بينهم وبين اليزك مقاتلات عظيمة متواترة، والمسلمون يتهافتون على قتالهم، والسلطان يمنعهم من ذلك إلى وقته (١)، وعساكر المسلمين وملوكهم وأمراؤهم تتواصل من الأمصار، ووصل من حماة الملك المظفر تقى (٢) الدين عمر، ووصل من الشرق مظفر الدين بن زين الدين على كوجك، وتوفى في تلك الأيام حسام الدين سنقر الخلاطى وكان شجاعا دينا ".

ذكر الوقعة الأولى التي تيسّر للمسلمين بها دخول البلد

ولما استفحل أمر العدو وحصروا البلد من جميع جهاتها بحيث تعذر على المسلمين دخول البلد والخروج منه ضاق صدر السلطان بذلك، وسمت همته إلى فتح الطريق إلى عكا، لتستمر السابلة، وترد إليها الميرة والنجدة، فباكر الفرنج القتال مستهل شعبان من هذه السنة، فلم ينل منهم ما يريد، وبات الناس على تعبئة.

فلما كان الغد باكرهم القتال، واستدار عليهم من سائر جهاتهم، فقاتلهم من بكرة إلى الظهر، وصبر الفريقان صبرا تاما حاوله من رآه، فلما كان وقت الظهر حمل الملك المظفر حملة منكرة من الميمنة على من يليه منهم، فأزالهم عن مواقفهم، يركب بعضهم بعضا، لا يلوى أخ على أخيه، فالتجأوا إلى من يليهم من أصحابهم، واحتموا بهم، وأخلوا جانب البحر الشمالى (٣)، شمال عكا،


(١) الأصل: " وقتهم "، والتصحيح عن (ابن شداد، ص ٨٨) و (الروضتين، ج ٢، ص ١٤٢).
(٢) الأصل: " زين الدين " وما أثبتناه هو الصحيح.
(٣) هذا اللفظ غير موجود في س.

<<  <  ج: ص:  >  >>