للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر رحيل المسلمين والفرنج نحو عسقلان

والحرب التي جرت بينهم

ولما استهل شعبان من هذه السنة [٣٨٦] أصبح الفرنج سائرين نحو عسقلان، وسار السلطان في الجيوش الإسلامية في عراضهم يقتلون منهم ويأسرون ويجرحون، وكلما أتى السلطان منهم بأسير أمر بقتله، ووصل الفرنج إلى حيفا فأقاموا بها، ونزل السلطان بالقيمون، وقدّم السلطان ثقله إلى مجدليابة، وأضحى نازلا على النهر الجارى إلى قيسارية، وودّعه القاضى الفاضل، وسار إلى دمشق ليقوم بها مقام السلطان في تنفيذ الأمور.

وفى تاسع شعبان وصل الخبر إلى السلطان بأن الفرنج قد ركبوا وساروا بفارسهم وراجلهم في الساحل، ومراكبهم تحاذيهم، ورجالتهم مستديرون حولهم كالسور، عليهم الكبور (١) التخينة، والزرديات السابغة المحكمة بحيث يقع فيهم النشاب ولا يتأثرون، وهم يرمون بالزنبورك (٢) فيجرحون خيول المسلمين.

قال القاضى بهاء الدين بن شداد:

" لقد شاهدتهم وفى ظهر الواحد منهم النشابة والعشرة مغروزة وهو يسير على هيئته من غير انزعاج، وثمّ قسم أخر من الرجالة مستريح يمشون على جانب البحر، لا قتال عليهم، فإذا تعب هؤلاء وأثخنهم الجراح قام مقامهم القسم المستريح، واستراح القسم العمّال، هذا والخيّالة في وسط الرجّالة لا يخرجون عنهم إلا وقت


(١) الكبر - والجمع كبور - نوع من القباء الذى يتخذ للحرب، جاء في (اللسان): " القردمانى " قباء محشو يتخذ للحرب، فارسى معرب، يقال له " كبر " بالرومية أو النبطية ". انظر أيضا: (الجواليقى: المعرب، ص ٢٥٢).
(٢) راجع ما فات هنا ص ٢٤٤، هامش ١

<<  <  ج: ص:  >  >>