نسخة سجل أصدره صلاح الدين بعيد وفاة العاضد وانتهاء الدولة الفاطمية بإسقاط المكوس في مصر قرئ على المنبر بالقاهرة يوم الجمعة ثالث صفر سنة ٥٦٧ هـ
عن:(أبو شامة: الروضتين، ج ١، ص ٢٠٥) " أما بعد، فإنا نحمد الله سبحانه على ما مكّن لنا في الأرض، وحسّنه عندنا من أداء كل نافلة وفرض، ونصبنا له من إزالة النّصب عن عباده، واختارنا له من الجهاد في الله حقّ جهاده، وزهدنا فيه من قناع الدنيا القليل، وألهمنا من محاسبة أنفسنا على النقير والفتيل، وأولانا من سجاحة السماحة، فيوما نهب ما اشتملت عليه الدواوين، ويوما نقطع ما سقاه النيل، فالبشائر في أيامنا تترى، شفعا ووترا، والمسارّ كنظام الجوهر تتبع الواحدة منها الأخرى، والمسامحات قد ملأت المسامع والمطامع، وأسخطت الخيمة والصنايع، وأرضت المنبر والجامع.
ولما تقلدنا أمور الرعية، رأينا المكوس الديوانية بمصر والقاهرة أولى ما نقلناها من أن تكون لنا في الدنيا إلى أن تكون لنا في الآخرة، وأن نتجرد منها لنلبس أثواب الأجر الفاخرة، ونطهر منها مكاسبنا، ونصون عنها مطالبنا، ونكفى الرعية ضرهم الذى يتوجه إليهم، ونضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم، ونعيدها اليوم كأمس الذاهب، ونضعها فلا ترفعها من بعد يد حاسب، ولا قلم كاتب، فاستخرنا الله وعجلنا إليه ليرضى، ورأينا فرصة أجر لا تغض عليها بصائر الأبصار ولا يغضى، وخرج أمرنا بكتب هذا المنشور بمسامحة أهل القاهره ومصر، وجميع التجار المترددين إليهما وإلى ساحل المقسم والمنية بأبواب المكوس صادرها وواردها، فيرد التاجر ويسفر، ويغيب