للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغضّ الدّهر عنها طرف غدر ... مسافة قرب طرف (١) من جبين

وعاد إلى سجيّته فأجرى ... بفرقتنا العيون من العيون

فويح الدّهر لم يسمح بوصل ... يعيد به الهجوع إلى الجفون

فراقا ثم يعقبه ببين ... يعيد إلى الحشا عدم السّكون

ولا يبدى جيوش القرب حتى ... يرتّب جيش بعد في الكمين

ولا يدنى محلّى منك إلاّ ... إذا دارت رحى الحرب الزّبون

فليت الدّهر يسمح لى بأخرى ... ولو أمضى بها حكم المنون

فقلت: «لله درّك، ما أبدع هذا المعنى، وألطف هذه الطريقة، وأكرم هذه السجية الكريمة!! فكاتب أخاك بما فيه استعطاف واستلطاف، فما يجرى منه بعد هذا خلاف».

قلت (٢): كان الملك الأفضل رحمه الله فاضلا متأدبا ينظم الشعر الجيد، وسأذكر بعد ذلك شيئا من شعره في موضعه. لكنه كان قليل السعادة، ضعيف الآراء.

[قال عماد الدين]

«ولو ترك وفطنته الذكيّة، لجرت الأمور على السداد، لكن أصحابه وجلساؤه أفسدوا أحواله، ورموا أكابر أمرائه بالمكاتبة والخيانة، فتمكنت الوحشة في قلبه وقلوب (١٢ ا) أمرائه، وقالوا له: «أنت ولى عهد السلطان - رحمه الله - والأكبر من أولاده، وأحقّ بالملك من أخوتك»، وقصدوا


(١) في (الروضتين، ج ٢، ص ٢٢٩): «قرب عين».
(٢) المتحدث هنا هو ابن واصل مؤلف الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>