قطعة من خطاب آخر مرسل من صلاح الدين إلى الخليفة في بغداد بشأن الغزوة الفرنجية سالفة الذكر في البحر الأحمر
عن:(أبو شامة: الروضتين، ج ٢، ص ٣٧)
«وسارت المراكب الإسلامية طالبة شوكة المراكب الحربية المتعرضة للمراكب الحجازية واليمنية، وكانت مراكب العدو قد أوغلت في البحر، ودلّها على عورات الساحلين من العرب من أشبه ركّلبها في الكفر، فوصلت إلى عيذاب فلم ينل منها مرادا، غير أن ما وجدته في طريقها أو في فرضة عيذاب نالت منه وشعّثت، وأفسدت فيه وعثت، وتمادت في الساحل الحجازى إلى رابغ إلى سواحل الحوراء، وهناك وقع عليها أصحابنا وأوقعوا بها أشد إيقاع، وأخذوا المراكب الفرنجية على حكم البدار والإسراع، ففرّ فرنجها إلى الساحل، فركب أصحابنا وراءهم خيول العربان التي وجدوها، وأخذوا الكفّار من شعاب وجبال اعتصموا بها وقصدوها، وكفى المسلمون أشدّ فساد في أرضهم، وأقطع قاطع لفرضهم، وانبسطت آمالهم بقبضهم، وعميت على الكفّار هذه الطريق التي لو كشف لهم غطاؤها قدما، ولو أحاطوا بها علما، لاشتطت نكايتهم، واشتدت جنايتهم، وعزّ على قدماء ملوك مصر أن يصرعوا هذه الأقران، ويطفئوا هذه النيران ويركبوا غوارب اللجج، ويرخصوا غوالى المهج، ويقتنصوا هذا هذا الطائر من جوّه الذى لا يدرك لوحه، ويدركوا هذا العدوّ الذى لا يدرك إلا أن تستنجد عليه ملائكة الله وروحه».