صاحب حلب، وبين الخوارزمية والملك المظفر شهاب الدين غازى صاحب ميافارقين والملك السعيد صاحب ماردين. ولما أصلح بينهم وعاد مع العساكر إلى حلب [٤٤ ا]، أخذ من حلب عسكرا مقدمه ناصح الدين الفارسى أبو المعالى.
ولما قدم عسكر حلب إلى الروم، أكرمهم السلطان غياث الدين وأحسن إليهم، وخلع عليهم وضمهم إلى عسكره. ولما دخلت هذه السنة، أعنى سنة إحدى واربعين وستمائة، جاءت التتر بجموعها إلى بلاد الروم، وضربوا مع غياث الدين مصافا عظيما، فكانت الهزيمة أولا على التتر ثم تراجعوا، وحملوا على عسكر المسلمين فهزموهم هزيمة عظيمة (١). فقتلوا منهم وأسروا خلقا. وتشتتت العساكر يمينا وشمالا، ونهبت التتر من الأموال ما لا يحصى. وهرب غياث الدين إلى بعض المعاقل فاحتمى به.
وثارت التركمان في البلاد ينهبون ويعيثون. ورجع ناصح الدين الفارسى بمن معه من عسكر حلب في أسوأ حال. ثم استولت التتر على آمد وخلاط وبلادهما.
ذكر وقوع الإتفاق بين السلطان الملك الصالح نجم الدين
وبين عمه الملك الصالح وصاحب حمص
ووقعت في هذه السنة المراسلة بين السلطان الملك الصالح نجم الدين وعمه
(١) انظر أيضا عن هزيمة غياث الدين كيخسرو السلجوقى صاحب بلاد الروم أمام التتار، ابن العديم، زبدة الحلب، ج ٣، ص ٢٦٩؛ أبو الفدا، المختصر، ج ٣، ص ١٧١ - ١٧٢؛ وذكر المقريزى (السلوك، ج ١، ص ٣١٣) أن غياث الدين فر من التتار إلى القسطنطينية بينما ذكر كل من العينى (عقد الجمان، حوادث ٦٤١)، وابن أيبك (الدر المطلوب، ص ٣٥٢) وابن تغرى بردى (النجوم الزاهرة، ج ٦، ص ٣٤٧) أنه صالح التتار على أن يدفع لهم كل يوم ألف دينار وفرسا ومملوكا وجارية وكلب صيد، وأنه كان شابا ظالما قليل العقل، يلعب بالكلاب والسباع ويسلطها على الناس فعضه بعد ذلك سبع فمات في سنة ٦٥٤ هـ.